فِي ذِمَّتِي مِنْ زَكَاةٍ أَوْ نَذْرٍ حَيْثُ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهَا، وَيُمْكِنُ رُجُوعُ ذَلِكَ لِفَرْقِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَنَّ تَعْيِينَ كُلٍّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ سَبَبَ ضَعْفِ تَعْيِينِهَا عَدَمُ تَعَلُّقِ غَرَضٍ بِهِ فَيَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ، أَمَّا إذَا الْتَزَمَ مَعِيبَةً ثُمَّ عَيَّنَ مَعِيبَةً فَلَا تَتَعَيَّنُ بَلْ لَهُ ذَبْحُ سَلِيمَةٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَعِيبَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا قَالَاهُ عَنْ التَّهْذِيبِ إنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الْمَعِيبَةَ الْمُعَيَّنَةَ لِلتَّضْحِيَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَتَصَدَّقُ بِهَا وَلَا يَشْتَرِي بِهَا أُخْرَى لِأَنَّ الْمَعِيبَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ بَدَلَ الْمَعِيبِ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ.
(فَإِنْ تَلِفَتْ) الْمُعَيَّنَةُ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَوْ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَيْهِ) كَمَا كَانَ (فِي الْأَصَحِّ) لِبُطْلَانِ التَّعْيِينِ فِي التَّلَفِ، إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، وَهَذَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدِينِهِ سِلْعَةً بِدَيْنِهِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ تَسَلُّمِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَعُودُ الدَّيْنُ كَمَا كَانَ.
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْإِبْدَالُ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالتَّعْيِينِ
(وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) هُنَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَكَوْنِهَا (عِنْدَ الذَّبْحِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ اقْتِرَانُهَا بِأَوَّلِ الْفِعْلِ هَذَا (إنْ لَمْ يَسْبِقْ) إفْرَازٌ أَوْ (تَعْيِينٌ) وَإِلَّا فَسَيَأْتِي (وَكَذَا) تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ (إنْ قَالَ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَكْتَفِي عَنْهَا بِمَا سَبَقَ إذْ الذَّبْحُ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ فَاحْتَاجَ لَهَا وَفَارَقَتْ الْمَنْذُورَةَ الْآتِيَةَ بِأَنَّ صِيغَةَ الْجَعْلِ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ اللُّزُومِ بِهَا أَحَطُّ مِنْ النَّذْرِ فَاحْتَاجَتْ لِتَقْوِيَتِهَا وَهُوَ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ.
نَعَمْ لَوْ اقْتَرَنَتْ بِالْجَعْلِ كَفَتْ عَنْهَا عِنْدَ الذَّبْحِ كَمَا اكْتَفَى بِاقْتِرَانِهَا بِإِفْرَازٍ أَوْ تَعْيِينِ مَا يُضَحِّي بِهِ فِي مَنْدُوبَةٍ وَوَاجِبَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهَا عِنْدَ الْإِفْرَازِ فِي الزَّكَاةِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الدَّفْعِ كَمَا يُفْهِمُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ إلَخْ، وَقَدْ يُفْهِمُ أَيْضًا عَدَمَ وُجُوبِ نِيَّةٍ عِنْدَ الذَّبْحِ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً بِالنَّذْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا.
وَالثَّانِي يَكْتَفِي بِمَا سَبَقَ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجْدِيدِ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتَقْتُك، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ذَبَحَهَا فُضُولِيٌّ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْوَقْتِ وَأَخَذَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ وَفَرَّقَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّ هَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ التَّعْيِينَ يُغْنِي عَنْ النِّيَّةِ.
أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَمَا مَرَّ فِي التَّعْيِينِ بِالْجَعْلِ، وَيَلْزَمُ الذَّابِحَ أَرْشُ الذَّبْحِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلذَّبْحِ كَالْمَمْلُوكَةِ وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْأَصْلِ، فَإِنْ فَرَّقَهُ الْفُضُولِيُّ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ فَكَإِتْلَافِهِ (وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ) مَا يُضَحِّي بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ أُضْحِيَّةً وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارَ إسْلَامِهِ حِينَئِذٍ (أَوْ) عِنْدَ (ذَبْحِهِ) وَلَوْ كَافِرًا كِتَابِيًّا وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ وَكِيلٍ فِي الذَّبْحِ أَوْ غَيْرِهِ لَا كَافِرٍ وَلَا نَحْوِ مَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا، وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ وَذَبْحِ أَجْنَبِيٍّ لِوَاجِبٍ نَحْوِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهَا) أَيْ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ تَعَلَّقَ غَرَضُهُ لِجُودَتِهَا أَوْ كَوْنِهَا مِنْ جِهَةِ حِلٍّ لَا يَتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا الْتَزَمَ مَعِيبَةً) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَثْبُتُ شَاةٌ بَدَلَ الْمَعِيبَةِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ الَّتِي يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهَا ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ عَيَّنَهَا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَهَا فِي نَذْرِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: فَاحْتَاجَ لَهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْمَمْلُوكَةِ وَمَصْرِفُهُ) أَيْ الْأَرْشِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ دَرَاهِمَ وَلَا يُشْتَرَى بِهِ لَحْمٌ وَلَا شِقْصٌ (قَوْلُهُ: فَكَإِتْلَافِهِ) فَتَلْزَمُ الْقِيمَةَ الْفُضُولِيُّ بِتَمَامِهَا وَيَدْفَعُهَا لِلنَّاذِرِ فَيَشْتَرِي بِهَا بَدَلَهَا وَيَذْبَحُهَا فِي وَقْتِ التَّضْحِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِتَفْرِيقِ الْفُضُولِيِّ مَعَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ النَّاذِرِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ تَفْرِقَةَ الْمَالِكِ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: يُكْتَفَى بِمَا سَبَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ذَبَحَهَا فُضُولِيٌّ) الصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَذَبْحُ أَجْنَبِيٍّ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ