أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً، أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِنَذْرٍ فِي وَقْتِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ وُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الصَّرْفِ لِهَذِهِ الْجِهَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَهُ.
(وَلَهُ) أَيْ الْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَرْتَدَّ (الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ) وَهَدْيِهِ بَلْ يُنْدَبُ أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيُمْتَنَعُ أَكْلُهُ مِنْهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ مَا لَوْ ضَحَّى عَنْ غَيْرِهِ أَوْ ارْتَدَّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ إعْطَاءِ الْفَقِيرِ وَالْمُهْدَى إلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا لِلْكَافِرِ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا إرْفَاقُ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهَا ضِيَافَةُ اللَّهِ لَهُمْ فَلَمْ يَجُزْ لَهُمْ تَمْكِينُ غَيْرِهِمْ مِنْهُ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ (وَ) لَهُ (إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) الْمُسْلِمِينَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نِيئًا وَمَطْبُوخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: ٣٦] أَيْ السَّائِلَ وَالْمُتَعَرِّضَ لِلسُّؤَالِ (لَا تَمْلِيكُهُمْ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى الْإِطْعَامِ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ، نَعَمْ يُرْسِلُ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ وَيَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِنَحْوِ أَكْلٍ وَتَصَدُّقٍ وَضِيَافَةٍ لِغَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، إذْ غَايَةُ الْمُهْدَى إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُضَحِّي، نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِلْكُهُمْ لِمَا أَعْطَاهُ الْإِمَامُ لَهُمْ مِنْ ضَحِيَّةِ بَيْتِ الْمَالِ (وَيَأْكُلُ ثُلُثَا) أَيْ يُنْدَبُ لِلْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْأَكْلِ عَلَيْهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ نَدْبُ أَكْلِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، إذْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهَا إلَّا لُقَمًا يَسِيرَةً يَتَبَرَّكُ بِهَا، وَدُونَ ذَلِكَ أَكْلُ الثُّلُثِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْبَاقِي، وَدُونَهُ أَكْلُ ثُلُثٍ وَتَصَدُّقٌ بِثُلُثٍ وَإِهْدَاءُ ثُلُثٍ قِيَاسًا عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ الْوَارِدِ فِيهِ {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ.
(وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ يَأْكُلُ (نِصْفًا) أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَصَدُّقٍ) أَيْ إعْطَاءٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ تَمَلُّكٍ كَمَا كَادُوا أَنْ يُطَبِّقُوا عَلَيْهِ حَيْثُ أَطْلَقُوا هُنَا التَّصَدُّقَ، وَعَبَّرُوا فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّمْلِيكِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمَا قَاسَا هَذَا عَلَيْهَا وَأَقَرَّهُمَا، فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ مَقَالَةٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّضْحِيَةِ مُجَرَّدُ الثَّوَابِ فَيَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ وَمِنْ الْكَفَّارَةِ تَدَارُكُ الْجِنَايَةِ بِالْإِطْعَامِ فَأَشْبَهَ الْبَدَلَ وَالْبَدَلِيَّةُ تَسْتَدْعِي تَمْلِيكَ الْبَدَلِ فَوَجَبَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ إسْلَامُهُ: أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُهُ مِنْ وُقُوعِهِ) أَيْ حَيْثُ وَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ وَإِلَّا فَكَإِتْلَافِهِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ) دَخَلَ فِي الْإِطْعَامِ مَا لَوْ ضَيَّفَ الْفَقِيرُ أَوْ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْغَنِيُّ كَافِرًا فَلَا يَجُوزُ، نَعَمْ لَوْ اضْطَرَّ الْكَافِرُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ إلَّا لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ وَيَضْمَنُهُ الْكَافِرُ بِبَدَلِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ لَهُ غَنِيًّا كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْبَدَلِ، وَلَا تَكُونُ الضَّرُورَةُ مُبِيحَةً لَهُ إيَّاهُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا مَنْدُوبَةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ حُرْمَةُ الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: وَالْمُهْدَى إلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا لِلْكَافِرِ) أَيْ وَلَوْ بِبَيْعٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَهُ إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) لَمْ يُبَيِّنُوا الْمُرَادَ بِالْغَنِيِّ هُنَا، وَجَوَّزَ م ر أَنَّهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَالْفَقِيرُ هُنَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا تَمْلِيكُهُمْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ مَلَكْتُكُمْ هَذَا لِتَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِمَا شِئْتُمْ (قَوْلُهُ: وَضِيَافَةٌ لِغَنِيٍّ) أَيْ وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مِلْكُهُمْ) أَيْ الْأَغْنِيَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ حَتَّى بِالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ وَأَمَّا مَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ بِدَلِيلِ الْفَاءِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ ابْتِدَاءً) أَيْ بِغَيْرِ الْجُعْلِ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ السَّائِلُ وَالْمُتَعَرِّضُ لِلسُّؤَالِ) لَا دَلِيلَ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ مَالِكٌ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْت أَنَّ الْقَانِعَ السَّائِعَ وَالْمُعْتَرَّ الزَّائِرُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَعَرِّضُ لِلسُّؤَالِ انْتَهَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute