للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ» وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَتَوَلَّاهُ غَيْرُهُ فَكَالْعَدِمِ وَلَا يُجْبَرُ الْفَاضِلُ هُنَا.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَفْضُولُ بِكَوْنِهِ أَطْوَعَ لِلنَّاسِ أَوْ أَقْرَبَ لِلْقَبُولِ أَوْ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ أَوْ أَلْزَمَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَانْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ قَطْعًا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُكْرَهُ طَلَبُهُ) لِوُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ (وَقِيلَ يَحْرُمُ وَإِنْ كَانَ) غَيْرُهُ (مِثْلَهُ) وَسُئِلَ بِلَا طَلَبٍ (فَلَهُ الْقَبُولُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَقَدْ أَتَاهُ بِلَا سُؤَالٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ وَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُنْدَبُ) لَهُ (الطَّلَبُ) لِلْقَضَاءِ وَالْقَبُولِ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى (إنْ كَانَ خَامِلًا) أَيْ غَيْرَ مَشْهُورٍ بَيْنَ النَّاسِ بِعِلْمٍ (يَرْجُو بِهِ نَشْرَ الْعِلْمِ) وَنَفْعَ النَّاسِ بِهِ (أَوْ) كَانَ غَيْرَ الْخَامِلِ (مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوِلَايَةِ، وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ بِتَوْلِيَةِ ظَالِمٍ أَوْ جَاهِلٍ فَقَصَدَ بِطَلَبِهِ أَوْ قَبُولِهِ تَدَارُكُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ (فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) أَيْ الطَّلَبُ كَالْقَبُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لِأَكْثَرِ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ (قُلْت: وَيُكْرَهُ) لَهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُرُودِ نَهْيٍ مَخْصُوصٍ فِيهِ، وَعَلَيْهِ حُمِلَتْ الْأَخْبَارُ الْمُحَذِّرَةُ مِنْهُ كَالْخَبَرِ الْحَسَنِ «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ خَطَرِهِ، وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ عَلَى جَاهِلٍ وَعَالِمٍ قَصَدَ انْتِقَامًا أَوْ ارْتِشَاءً، وَيُتَّجَهُ حُرْمَةُ طَلَبِهِ مُبَاهَاةً وَاسْتِعْلَاءً بِقَصْدِ هَذَيْنِ.

وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ فَقْدِ قَاضٍ مُتَوَلٍّ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي جَائِرًا، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ مُتَوَلٍّ صَالِحٌ حَرُمَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ السَّعْيُ فِي عَزْلِهِ وَلَوْ بِأَفْضَلَ مِنْهُ وَيَفْسُقُ الطَّالِبُ، وَلَا يُؤَثِّرُ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَ لَهُ بَذْلُهُ مَالًا عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ الْآخِذُ ظَالِمٌ، فَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يُنْدَبْ حَرُمَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا لِئَلَّا يُعْزَلَ، وَفِي الرَّوْضَةِ جَوَازُ بَذْلِهِ لِيُوَلَّى أَيْضًا، وَدَعْوَى أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَرْدُودَةٌ، إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلرُّويَانِيِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَنَصْبِ مَشَايِخِ الْأَسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ لِقَبُولِ الْخَصْمِ مَا يَقْضِي عَلَيْهِ أَوْ لَهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَطْوَعِ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَطْوَعِ أَكْثَرُ طَاعَةً بِأَنْ تَكُونَ طَاعَةُ النَّاسِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ طَاعَتِهِمْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) هُوَ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتَهَى مُخْتَارُ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَبُولَ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ) هِيَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَامِلًا إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ مُحْتَاجًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ عَلَى جَاهِلٍ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي صِحَّةِ تَوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلرُّويَانِيِّ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُصَنِّفِ وَكَانَ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْأَصْلَحِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَطْوَعَ لِلنَّاسِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَطْوَعَ فِي النَّاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَبَ لِلْقَبُولِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْقُلُوبِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُكْرَهُ طَلَبُهُ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا انْتَفَتْ عَنْهُ الصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّرْحِ قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: هُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ إلَخْ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ قُلْنَا: فَلَا مَعْنَى لِنَقْلِهِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالطَّلَبِ لَمْ يُخَالِفْهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ الطَّلَبُ كَالْقَبُولِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ أَيْضًا: إنْ كَانَ كَوْنُ الْقَبُولِ خِلَافَ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْن أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ طَلَبٌ مِنْهُ أَوْ لَا خِلَافَ مَا مَرَّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالطَّلَبِ لَمْ يُخَالِفْهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ هَذَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ مُبَاهَاةً وَاسْتِعْلَاءً، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ لِلْمُبَاهَاةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ بِقَصْدِ هَذِهِ أَيْضًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَ لَهُ بَذْلُهُ مَالًا) أَيْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ الدَّعْوَى غَيْرُ مَرْدُودَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>