للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إشْهَادٌ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ عَقْدٌ وَالْعُقُودُ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالْإِجَارَةِ وَالْوَكَالَةِ (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ) فَلَا يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ وَإِنْ حَفَّتْ الْقَرَائِنُ بِصِدْقِهِ، وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْقَاضِي لِاتِّهَامِهِ، فَإِنْ صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ طَاعَتُهُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ (وَيَبْحَثُ) بِالرَّفْعِ (الْقَاضِي) نَدْبًا (عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَعُدُولِهِ) إنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ فَعَقِبَهُ لِيُعَامِلَهُمْ بِمَا يَلِيقُ بِهِمْ (وَيَدْخُلُ) وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَالْأَوْلَى دُخُولُهُ (يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) صَبِيحَتَهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِيهِ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى» ، فَإِنْ تَعَسَّرَ فَالْخَمِيسُ ثُمَّ السَّبْتُ، وَوَرَدَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَحَرِّيهَا لِفِعْلِ وَظَائِفِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا فِيهَا وَبِقَصْدِ الْمَسْجِدِ عَقِبَ دُخُولِهِ لِيُصَلِّيَ بِهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَأْمَرُ بِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ وَيُنَادِي مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لِيَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ وَيَسْتَحِقَّ الرِّزْقُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ وَقْتِ التَّوْلِيَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ (وَيَنْزِلُ) إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَحَلٌّ مُهَيَّأٌ لِلْقَضَاءِ (وَسَطَ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَشْهَرِ (الْبَلَدِ) لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ (وَيَنْظُرُ أَوَّلًا) نَدْبًا بَعْدَ تَسَلُّمِهِ دِيوَانَ الْحُكْمِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْأَوْرَاقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّاسِ، وَأَنْ يُنَادِيَ فِي الْبَلَدِ مُتَكَرِّرًا إنَّ الْقَاضِيَ يُرِيدُ النَّظَرَ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَوْمَ كَذَا فَمَنْ كَانَ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ (فِي أَهْلِ الْحَبْسِ) إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَهَمُّ مِنْهُمْ هَلْ يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهُ عَذَابٌ وَيَبْدَأُ بِقُرْعَةٍ فَمَنْ حَضَرَتْ لَهُ أَحْضَرَ خَصْمَهُ وَفَصَلَ بَيْنَهُمَا وَهَكَذَا (فَمَنْ قَالَ حُبِسَتْ بِحَقٍّ أَدَامَهُ) إلَى وَفَائِهِ أَوْ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنَادَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ لَهُ وَلَا يُحْبَسُ حَالَ النِّدَاءِ وَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ بَلْ يُرَاقَبُ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَدًّا أَقَامَهُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ أَوْ تَعْزِيرًا وَرَأَى إطْلَاقَهُ فَعَلَ (أَوْ) قَالَ حُبِسْت (ظُلْمًا فَعَلَى خَصْمِهِ حَجَّةٌ) إنْ كَانَ حَاضِرًا، فَإِنْ أَقَامَهَا أَدَامَهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ وَأَطْلَقَهُ بِلَا كَفِيلٍ إلَّا أَنْ يَرَاهُ فَحَسَنٌ (فَإِنْ كَانَ) خَصْمُهُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ (كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ) لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ يُوَكِّلَ لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ لِيَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ.

فَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَحْضُرْ وَلَمْ يُوَكِّلْ حَلَفَ وَأُطْلِقَ لِتَقْصِيرِ الْغَائِبِ حِينَئِذٍ (ثُمَّ) فِي الْأَوْصِيَاءِ وَكُلِّ مُتَصَرِّفٍ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ ثُبُوتِ وِلَايَتِهِمْ عِنْدَهُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِكِ لَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِمَالِهِ فَنَابَ الْقَاضِي عَنْهُ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ الْعَامُّ إنْ كَانَ بِبَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لِحَاكِمِ بَلَدِ الْمَالِكِ (فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً سَأَلَ) النَّاسَ (عَنْهَا) أَلَهَا حَقِيقَةٌ؟ وَمَا كَيْفِيَّةُ ثُبُوتِهَا؟ (وَعَنْ حَالِهِ) هَلْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ (وَتَصَرُّفِهِ فَمَنْ) قَالَ فُرِّقْت

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ) أَيْ كُلَّهُمْ وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ مُتَدَاعِيَانِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ لَا يَتَغَيَّرُ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَلْوَانِ يُمْكِنُ تَغَيُّرُهَا بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ السَّوَادِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَحَرِّيهَا) أَيْ الْبُكُورِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ كَانَ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ) نَدْبًا عَنْ اجْتِمَاعِ الْخُصُومِ، فَلَوْ حَضَرُوا مُتَرَتِّبِينَ نَظَرَ وُجُوبًا فِي حَالِ كُلِّ مَنْ قَدِمَ أَوَّلًا وَلَا يَنْتَظِرُ حُضُورَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خِيفَ هَرَبُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ الْآنَ ثُبُوتَ حَقٍّ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْبَسَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ لِيَلْحَنَ) أَيْ يُفْصِحَ بِهَا، وَقَوْلُهُ حَلَفَ: أَيْ وُجُوبًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَأَنَّهُ احْتَرَزَ عَنْ الْجَزْمِ بِالْعَطْفِ عَلَى لِيَكْتُبَ لَكِنْ مَا الْمَانِعُ اهـ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَبْحَثُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُنَادِيَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَسَلُّمِهِ: أَيْ وَبَعْدَ تَسَلُّمِهِ وَبَعْدَ مُنَادَاتِهِ، لَكِنْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فَالْعَطْفُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ لَهُ) أَيْ غَرِيمٍ هُوَ مَحْبُوسٌ لَهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْمُنَادَاةِ عَلَى كُلِّ غُرَمَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْبُوسًا لَهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَغَيْرُهُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ) أَيْ الْمَحْبُوسُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مُتَصَرِّفٍ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِوِلَايَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْوَكِيلِ وَعَامِلَ الْقِرَاضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>