الْوَصِيَّةُ أَوْ صُرِفَتْ لِلْمُوصَى عَلَيْهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ إنْ وَجَدَهُ عَدْلًا وَإِنْ (وَجَدَهُ فَاسِقًا أَخَذَ الْمَالَ) وُجُوبًا (مِنْهُ) إنْ كَانَ بَاقِيًا وَغَرَّمَهُ بَدَلَ مَا فَوَّتَهُ وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ لَمْ يَنْزِعْهُ مِنْهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، قَالَ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمَا وَالْجُمْهُورِ، وَإِنْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافَهُ، أَمَّا إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لِاتِّحَادِ الْقَضِيَّةِ، وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَ أُزْكِيَ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ طُولِ الزَّمَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِزْكَائِهِ (أَوْ) وَجَدَهُ (ضَعِيفًا) عَنْ قِيَامِهِ بِهَا مَعَ أَمَانَتِهِ (عَضَّدَهُ بِمُعِينٍ) وَلَا يَنْتَزِعُ مِنْهُ الْمَالَ ثُمَّ يَنْظُرَ بَعْدَ الْأَوْصِيَاءِ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِينَ عَنْ الْأَطْفَالِ وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا، نَعَمْ لَهُ عَزْلُهُمْ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ وَتَوْلِيَةُ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُوَلَّوْنَ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ. وَلَيْسَ لَهُ الْكَشْفُ عَنْ أَبٍ وُجِدَ مُتَصَرِّفًا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ قَادِحٍ عِنْدَهُ فِيهِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْأَوْقَافِ الْعَامَّةِ وَمُتَوَلِّيهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَعَنْ الْخَاصَّةِ لِأَنَّهَا تَئُولُ لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَيَنْظُرُ هَلْ آلَتْ إلَيْهِمْ وَهَلْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ مِنْهُمْ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ فِي أَمْرِ اللُّقَطَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ يَجُوزُ وَلَمْ يَخْتَرْ تَمَلُّكَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، ثُمَّ فِي الضَّوَالِّ فَيَحْفَظُ هَذِهِ الْأَمْوَالَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مُفْرَدَةً عَنْ أَمْثَالِهَا وَلَهُ خَلْطُهَا بِمِثْلِهَا حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ، فَإِذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ غَرِمَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَهُ بَيْعُهَا وَحِفْظُ ثَمَنِهَا لِمَصْلَحَةِ مَالِكِهَا.
(وَيَتَّخِذُ) نَدْبًا (مُزَكِّيًا) بِصِفَتِهِ الْآتِيَةِ وَأَرَادَ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ الْجِنْسَ إذْ لَا يَكْتَفِي بِوَاحِدٍ (وَكَاتِبًا) لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ، «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ كُتَّابٌ فَوْقَ أَرْبَعِينَ» ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ اتِّخَاذُهُ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ كَالْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ وَالْمُتَرْجِمِ وَالْمُسَمِّعِ وَالْمُزَكِّي لِئَلَّا يُغَالُوا فِي الْأُجْرَةِ، وَلِلْقَاضِي وَإِنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ أَخْذُ مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَغَيْرَهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إلَّا إنْ تَعَيَّنَ لِلْقَضَاءِ وَوَجَدَ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ عِيَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمَكْفِيِّ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِالْقَضَاءِ صَالِحٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقَضَاءِ، وَلَا يُرْزَقُ مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ أَوْ الْآحَادِ وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَلَوْ قَاضِيًا وَثَمَنُ وَرِقِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ وَنَحْوِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ اُحْتِيجَ لِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى مَنْ شَاءَ الْكِتَابَةَ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ خَيْلٍ وَغِلْمَانٍ وَدَارٍ وَاسِعَةٍ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَغَرَّمَهُ بَدَلَ مَا فَوَّتَهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِصَرْفِهِ فِي طَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَلَا تَغْرِيمَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْأَطْفَالِ) أَيْ لِلتَّصَرُّفِ عَنْهُمْ وَلَوْ عَبَّرَ بِعَلَى لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الْخَاصَّةِ) كَالْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: وَعِيَالَهُ نَفَقَةً) هَلْ الْمُرَادُ مِنْهُمْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ أَوْ كُلُّ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مُرُوءَةً كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ مَثَلًا فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ يُقَالُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إنَّهُ يَأْخُذُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ قَدْ يَقْطَعُهُ عَنْ الْكَسْبِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لِمَحْضِ الْمُوَاسَاةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمَكْفِيِّ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرْزَقُ مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ أَوْ الْآحَادِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ خَاصِّ مَالِهِ وَلَا عَلَى الْآحَادِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ أَحَدُهُمَا تَبَرُّعًا لَمْ يَمْتَنِعْ قَبُولُهُ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَوْ صُرِفَتْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: تَصَرَّفَتْ
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ) . فِيهِ تَغْلِيبٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَاتِبِ فَمَعْنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرْزَقُ مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الرَّافِعِيَّ رَجَّحَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ جَوَازَهُ، وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِي الْمُحْتَاجِ وَمَا هُنَا فِي غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute