للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي لِيَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ آخَرُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْخَصْمُ طَالِبْهُ لِي بِجَوَابِ دَعْوَايَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَزِمَ بَقَاؤُهُمَا مُتَخَاصِمَيْنِ وَإِذًا أَثِمَ بِدَفْعِهِمَا عَنْهُ فَكَذَا بِهَذَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ (فَإِنْ أَقَرَّ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِثُبُوتِ الْحَقِّ بِالْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لِوُضُوحِ دَلَالَتِهِ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْإِقْرَارِ مُخْتَلَفًا فِيهَا اُحْتِيجَ لِلْحُكْمِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَهُ الدَّفْعُ عَنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِعَوْدِ النَّفْعِ لَهُمَا وَأَنْ يَشْفَعَ لَهُ إنْ ظَنَّ قَبُولَهُ لَا عَنْ حَيَاءٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا أَثِمَ (وَإِنْ أَنْكَرَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَةٌ) لِخَبَرٍ مُسَلَّمٍ بِهِ أَوْ شَاهِدٍ مَعَ يَمِينِك إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي لِكَوْنِهِ أَمِينًا أَوْ فِي قَسَامَةٍ أَوْ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ قَالَ لَهُ أَتَحْلِفُ (وَ) لَهُ (أَنْ يَسْكُتَ) وَهُوَ الْأَوْلَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَيْلُهُ لِلْمُدَّعِي، نَعَمْ لَوْ جَهِلَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَسْكُتْ بَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ فَالسُّكُوتُ أَوْلَى إنْ شَكَّ فَالْقَوْلُ أَوْلَى، وَإِنْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِهِ وَجَبَ إعْلَامُهُ اهـ. وَلَوْ عَبَّرَ بِالْحُجَّةِ بَدَلَ الْبَيِّنَةِ كَانَ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ تَعْلِيمُ الْمُدَّعِي كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى وَلَا الشَّاهِدِ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ لِقُوَّةِ الْإِيهَامِ لِذَلِكَ، فَإِنْ تَعَدَّى وَفَعَلَ فَأَدَّى الشَّهَادَةَ بِتَعْلِيمِهِ اُعْتُدَّ بِهِ، قَالَهُ الْغَزِّيِّ

(فَإِنْ) (قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ تَحْلِيفَهُ) (فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ إنْ تَوَرَّعَ وَأَقَرَّ سَهُلَ الْأَمْرُ وَإِلَّا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِتَشْتَهِرَ خِيَانَتُهُ وَكِذْبُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ نَفْسِهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ تَعَيَّنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِئَلَّا يَحْتَاجَ الْأَمْرُ لِلدَّعْوَى بَيْنَ يَدَيْ مَنْ لَا يَرَى الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ جَهِلَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ إلَخْ مَجِيءُ مِثْلِهِ هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ الْآتِي، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ كَوْنَهُ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِلْخُصُومَةِ وَالدَّعْوَى (قَوْلُهُ: فَكَذَا بِهَذَا) أَيْ بَعْدَ سُؤَالِهِ جَوَابَ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لِعَوْدِ النَّفْعِ لَهُمَا) أَيْ بِأَنْ تَكَلَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ جَهْلًا مِنْهُ بِمَا يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الدَّعْوَى مَثَلًا أَوْ يَقْتَضِي ثُبُوتًا بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْخَصْمِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ وَيُبَيِّنَ لَهُ الْحَقَّ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِتَصْحِيحِ الدَّعْوَى وَفَصْلِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَالًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِهِ وَجَبَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ (قَوْلُهُ: فَأَدَّى الشَّاهِدُ بِتَعْلِيمِهِ) أَيْ أَوْ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَحْتَاجَ الْأَمْرُ لِلدَّعْوَى إلَخْ) فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ قَدْ يُجَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ طَلَبَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَالصَّوَابُ حَذْفُهُ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ لَمْ يُعَبِّرْ بِيَصْدُقُ كَشَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ لِأَنَّ الْحَلِفَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ النُّكُولِ مِنْ تَفَارِيعِ الْإِنْكَارِ الْآتِي الَّذِي جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ قَسِيمَ الْإِقْرَارِ، فَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْإِقْرَارَ الْحَقِيقِيَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِحُكْمٍ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْحُكْمِ. قَالَ: لَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، بَلْ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي مُوجِبِ الْإِقْرَارِ، فَفِي الْحُكْمِ دَفْعُ الْمُخَالِفِ عَنْ الْحُكْمِ بِنَفْيِ ذَلِكَ الْمُوجِبِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهَذَا غَيْرُ الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ ثَمَّ فِي نَفْسِ الْإِقْرَارِ وَكَلَامُنَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي بَعْضِ مَوَاجِبِهِ اهـ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ ثُبُوتُ الْحَاجَةِ لِلْحُكْمِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَهُ الدَّفْعُ) يَعْنِي دَفْعَ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ) الضَّمِيرُ فِي كَانَ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي) فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ يَطْلُبُ الْقَاضِيَ الْأَصِيلَ مَثَلًا وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُجَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>