للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَرْفَعُ غَرِيمَهُ إلَّا لِمَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْفَصِلَ أَمْرُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ (أَوْ) قَالَ (لَا بَيِّنَةَ لِي) وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ لَا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً أَوْ كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا زُورٌ (ثُمَّ أَحْضَرَهَا) (قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِتَحَمُّلِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِقَرْضٍ مَثَلًا فَأَنْكَرَ أَخْذَهُ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ أَرَادَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ قُبِلَتْ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ لِجَوَازِ نِسْيَانِهِ حَالَ الْإِنْكَارِ، كَمَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَ ذَلِكَ أَوْ رَدَّهُ قَبْلَ الْجَحْدِ، وَلَوْ قَالَ شُهُودِي عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ عِتْقٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ قَالَ هَؤُلَاءِ آخَرُونَ جَهِلْتَهُمْ أَوْ نَسِيتهمْ قُبِلُوا وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَنُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِلْمُنَاقَضَةِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِكَلَامِهِ تَأْوِيلًا كَكُنْتُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا

(وَإِنْ) (ازْدَحَمَ خُصُومٌ) أَيْ مُدَّعُونَ (قُدِّمَ) وُجُوبًا (الْأَسْبَقُ) فَالْأَسْبَقُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ وَالِاعْتِبَارُ بِسَبْقِ الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ مُدَّعٍ وَحْدَهُ ثُمَّ مُدَّعٍ مَعَ خَصْمِهِ ثُمَّ خَصْمُ الْأَوَّلِ قُدِّمَ مَنْ جَاءَ مَعَ خَصْمِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ خَصْمَ الْأَوَّلِ إنْ حَضَرَ قَبْلَ دَعْوَى الثَّانِي قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، أَوْ بَعْدَهَا فَتَقْدِيمُ الثَّانِي هُنَا لَيْسَ إلَّا لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ وَقْتَ دَعْوَى الثَّانِي غَيْرُ مُمْكِنٍ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ الْمَسْبُوقُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وَسَبَقَهُ لَهُ الْفَزَارِيّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَصْلُهَا فَيُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ كَمُدَرِّسٍ وَمُفْتٍ فِي عِلْمٍ غَيْرِ فَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ فِي فَرْضِ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ وَجَبَ تَقْدِيمُ السَّابِقِ وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ (فَإِنْ جَهِلَ) السَّابِقَ (أَوْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعَ) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ وَمِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ بِرِقَاعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَ رُقْعَةً رُقْعَةً فَكُلُّ مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ قَدَّمَهُ، وَالْأَوْلَى لَهُمْ تَقْدِيمُ مَرِيضٍ يَتَضَرَّرُ بِالتَّأْخِيرِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا قَدَّمَهُ إنْ كَانَ مَطْلُوبًا لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ (وَيُقَدَّمُ) نَدْبًا (مُسَافِرُونَ) أَيْ مُرِيدُونَ لِلسَّفَرِ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا (مُسْتَوْفِزُونَ) مُدَّعُونَ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَضَرَّرُوا بِالتَّأْخِيرِ عَنْ رُفَقَائِهِمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَصْلَ وَالْمُدَّعِي غَيْرُهُ أَوْ سَبَقَ الطَّالِبُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَصَّبَ قَاضِيَيْنِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ إلَخْ فَلَا يَرْفَعُ غَرِيمُهُ إلَّا لِمَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ) وَهِيَ سَنَةٌ

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ خَصْمَ الْأَوَّلِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ مَنْ جَاءَ أَوَّلًا حَيْثُ حَضَرَ خَصْمُهُ قَبْلَ دَعْوَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكَافِرُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا ازْدَحَمَ خُصُومٌ إلَخْ: أَيْ مُسْلِمُونَ أَوْ كُفَّارٌ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ الْمَسْبُوقُ) أَيْ مَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُسْلِمُونَ وَيُؤَدِّ إلَى الضَّرَرِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فَيُقَدَّمُ الْكَافِرُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ فِي عِلْمٍ غَيْرِ فَرْضٍ) كَالْعَرُوضِ إنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ السَّابِقِ) أَيْ حَيْثُ تَعَيَّنَ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ مِنْ السُّوقَةِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لِاضْطِرَارِ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْخِيرَةَ لَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ أَصْلِهِ لَيْسَ وَاجِبًا، بَلْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِ بَعْضِ الْمُشْتَرِينَ وَيَبِيعَ بَعْضًا، وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ ثُمَّ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْمُزْدَحِمِينَ عَلَى مُبَاحٍ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِازْدِحَامِ عَلَى الطَّوَاحِينِ بِالرِّيفِ الَّتِي أَبَاحَ أَهْلُهَا الطَّحْنَ بِهَا لِمَنْ أَرَادَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَالِكِينَ لَهَا، أَمَّا هُمْ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ غَيْرَهُمْ مُسْتَعِيرٌ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ، أَمَّا الْمَالِكُونَ إذَا اجْتَمَعُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ جَاءُوا مُتَرَتِّبِينَ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعُوا قَدَّمَهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَطْلُوبًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَا يُقَدَّمُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي تَقْدِيمِهِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ لَهُ بِالِانْتِظَارِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ طَالِبًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ هَؤُلَاءِ آخَرُونَ جَهِلْتُهُمْ أَوْ نَسِيتهمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلُوا، وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا قُبِلُوا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ نَظِيرُ مَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكَافِرُ) كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ التَّقْيِيدَ بِالْمُسْلِمِ كَالتُّحْفَةِ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ حَتَّى أَخَذَ هَذَا مُحْتَرَزًا لَهُ، أَوْ أَنَّهُ قَيَّدَ بِهِ وَأَسْقَطَتْهُ الْكَتَبَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَضَرَّرُوا بِالتَّأْخِيرِ عَنْ رُفَقَائِهِمْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>