(وَنِسْوَةٌ) كَذَلِكَ عَلَى رِجَالٍ وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْخَنَاثَى بِهِنَّ (وَإِنْ تَأَخَّرُوا) لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ (مَا لَمْ يَكْثُرُوا) أَيْ النَّوْعَانِ، وَغَالِبٌ الذُّكُورُ لِشَرَفِهِمْ، فَإِنْ كَثُرُوا أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبْقِ أَوْ الْقُرْعَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَعَارَضَ مُسَافِرٌ وَامْرَأَةٌ قُدِّمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهِ أَقْوَى، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ إلْحَاقِ الْعَجُوزِ بِالرَّجُلِ مَمْنُوعٌ، وَمَنْ لَهُ مَرِيضٌ بِلَا مُتَعَهِّدٍ يُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ بِالْمَرِيضِ (وَلَا يُقَدَّمُ سَابِقٌ وَقَارِعٌ إلَّا بِدَعْوَى) وَاحِدَةٍ لِئَلَّا يَزِيدَ ضَرَرُ الْبَاقِينَ، وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ بِجَمِيعِ دَعَاوِيهِ إنْ خَفَّتْ بِحَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِغَيْرِهِ إضْرَارًا بَيِّنًا: أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِلَّا فَبِدَعْوَى وَاحِدَةٍ وَأَلْحَقَ بِهِ الْمَرْأَةَ
(وَيَحْرُمُ) (اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ) (لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَضَيَاعِ كَثِيرٍ مِنْ الْحُقُوقِ، وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَكْتُبُ الْوَثَائِقَ وَإِنْ تَبَرَّعَ أَوْ رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا اتَّجَهَتْ الْحُرْمَةُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَعَنُّتِ الْمُعَيَّنِ وَمُغَالَاتِهِ فِي الْأُجْرَةِ وَتَعْطِيلِهِ الْحُقُوقَ أَوْ تَأْخِيرِهَا
(وَإِذَا) شَهِدَ شُهُودٌ) بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ بِحَقٍّ أَوْ تَزْكِيَةٍ (فَعَرَفَ عَدَالَةً أَوْ فِسْقًا) (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) قَطْعًا وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَزْكِيَةٍ وَإِنْ طَلَبَهَا الْخَصْمُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَصْلَ الْحَاكِمِ أَوْ فَرْعَهُ لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ لَهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِمْ شَيْئًا (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الِاسْتِزْكَاءُ) أَيْ طَلَبُ مَنْ يُزَكِّيهِمْ وَإِنْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ بِعَدَالَتِهِمْ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى، نَعَمْ إنْ صَدَّقَهَا فِيمَا شَهِدَا بِهِ عَمِلَ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْإِقْرَارِ لَا الشَّهَادَةِ، وَلَوْ عَرَفَ عَدَالَةَ مُزَكِّي الْمُزَكَّى فَقَطْ كَفَى وَإِنْ وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَلَهُ الْحُكْمُ بِسُؤَالِ الْمُدَّعِي عَقِبَ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ، وَالْأَوْلَى قَوْلُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلَك دَافِعٌ فِي الْبَيِّنَةِ أَوْ لَا، وَيُمْهِلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَيْثُ طَلَبَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُجَابُ مُدَّعٍ طَلَبَ الْحَيْلُولَةِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَهُ حِينَئِذٍ مُلَازَمَتُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، وَبَعْدَ الْحَيْلُولَةِ لَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلِلْحَاكِمِ فِعْلُهَا بِلَا طَلَبٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمَطْلُوبًا (قَوْلُهُ: وَامْرَأَةٌ) أَيْ مُقِيمَةٌ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ) وَفِي نُسْخَةٍ اُتُّجِهَ تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ إلْحَاقِ الْعَجُوزِ) أَيْ إذَا كَانَا مُقِيمَيْنِ أَوْ مُسَافِرَيْنِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بِالسَّبْقِ، وَالْمُعْتَمَدُ تَقْدِيمُ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَلَوْ عَجُوزًا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَفَ عَدَالَةَ مُزَكِّي الْمُزَكَّى فَقَطْ كَفَى) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، وَقَدْ يُصَوَّرُ بِمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَهُمَا فَزَكَّاهُمَا اثْنَانِ وَلَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي حَالَهُمَا أَيْضًا فَزَكَّى الْمُزَكِّينَ آخَرَانِ عَرَفَ الْقَاضِي عَدَالَتَهُمَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَيُجَابُ مُدَّعٍ طَلَبَ الْحَيْلُولَةِ) أَيْ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْعَيْنِ الَّتِي فِيهَا النِّزَاعُ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَاكِمِ فِعْلُهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مُجَرَّدُ الِاسْتِيفَازِ كَافٍ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِلْمُسَافِرِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: إلَّا بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ) تَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّعْوَى فَصْلُهَا أَوْ مُجَرَّدُ سَمَاعِهَا، وَاسْتَقْرَبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى فَصْلِهَا تَأْخِيرٌ كَأَنْ تَوَقَّفَ عَلَى إحْضَارِ بَيِّنَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ يُسْمَعُ غَيْرُهَا فِي مُدَّةِ إحْضَارِ نَحْوِ الْبَيِّنَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَكْتُبُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعَيِّنُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَكْتُبُوا عِنْدَهُ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْكَتْبِ عِنْدَ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَبِدَلِيلِ إيرَادِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ إلَخْ فَهُوَ مِنْ مُحْتَرَزَاتِ الْمَتْنِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ خَرَجَ بِالشُّهُودِ الْكَتَبَةُ فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُمْ إلَّا بِقَيْدِهِ. أَمَّا اتِّخَاذُ الْكَاتِبِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ أَوَّلَ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْمَلْ بِعِلْمِهِ) أَيْ فِي التَّعْدِيلِ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ. أَمَّا الْجَرْحُ فَيُعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ مُدَّعٍ طَلَبَ الْحَيْلُولَةَ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا لَا حَقَّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا فَلِلْقَاضِي الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ وَبَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مُطْلَقًا بِلَا طَلَبٍ، بَلْ يَجِبُ فِي الطَّلَاقِ وَكَذَا فِي الْعِتْقِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عِتْقُهَا أَمَةً، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّمَا يَجِبُ بِطَلَبِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فَلَا يَسْتَوْفِيهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي هَذَا مَعْنَى مَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْعُبَابِ بَعْضُ مُخَالَفَةٍ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ