للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا، وَهَذَا أَوْجَهُ

(وَيُقَدَّمُ) الْجَرْحُ (عَلَى التَّعْدِيلِ) لِزِيَادَةِ عِلْمِ الْجَارِحِ (فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ عَرَفْت سَبَبَ الْجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَأَصْلَحَ قُدِّمَ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ، وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ وَأَصْلَحَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِ التَّوْبَةِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِاشْتِرَاطِ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَهَا كَمَا يَأْتِي فَهُوَ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَأَصْلَحَ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ تَارِيخَ الْجَرْحِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ، وَكَذَا يُقَدَّمُ التَّعْدِيلُ حَيْثُ أُرِّخَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَكَانَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ مُتَأَخِّرَةً. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنْ عَلِمَ الْمُعَدَّلُ جَرَّحَهُ، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ اعْتِمَادُهُ عَلَى حَالِهِ قَبْلَ الْجَرْحِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ بِهِ عَلَى سُؤَالِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ تُسْمَعُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْدِيلَ كَذَلِكَ لِسَمَاعِهَا فِيهِ أَيْضًا، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ أَنَا مَجْرُوحٌ أَوْ فَاسِقٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الْجَرْحِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ. نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يَبْعُدُ عَادَةً عِلْمُهُ بِأَسْبَابِ الْجَرْحِ، وَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ تَوَقُّفِ الْحَاكِمِ عَنْ شَاهِدٍ جَرَّحَهُ عَدْلٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى نَدْبِ التَّوَقُّفِ إنْ قَوِيَتْ الرِّيبَةُ لِاحْتِمَالِ اتِّضَاحِ الْقَادِحِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّضِحْ حَكَمَ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ رِيبَةٍ لَا مُسْتَنَدَ لَهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ وَقَدْ غَلِطَ) فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ لِمَا مَا مَرَّ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى، وَلِهَذَا امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ، وَمُقَابِلُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا فِي التَّعْدِيلِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُهُ غَلِطَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِأَنَّ إنْكَارَهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِنِسْبَتِهِ لِلْغَلَطِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، فَإِنْ قَالَ عَدْلٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ.

وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ تَفْرِقَةُ الشُّهُودِ عِنْدَ ارْتِيَابِهِ مِنْهُمْ وَيَسْأَلُ كُلًّا وَيَسْتَقْصِي ثُمَّ يَسْأَلُ الثَّانِي كَذَلِكَ قَبْلَ اجْتِمَاعِهِ بِالْأَوَّلِ وَيَعْمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ. وَالْأَوْلَى كَوْنُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَهُ الْخَصْمُ، وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ إجَابَتُهُ بَلْ إنْ أَصَرُّوا لَزِمَهُ الْحُكْمُ بِشُرُوطِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا. وَلَوْ قَالَ لَا دَافِعَ لِي ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِأَنَّ شَاهِدَيْهِ شَرِبَا الْخَمْرَ مَثَلًا وَقْتَ كَذَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدَاءِ دُونَ سَنَةٍ رُدَّا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا لِلشُّرْبِ وَقْتًا سُئِلَ الْخَصْمُ وَحَكَمَ بِمَا تَقْتَضِيهِ بَيِّنَتُهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ، وَلَوْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ بِنَحْوِ فِسْقِ بَيِّنَتِهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ بَنَى عَلَى مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ بَيِّنَتِهِ: شُهُودِي فَسَقَةٌ، وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ بَيِّنَتِهِ لَا دَعْوَاهُ، فَلَا يَحْلِفُ الْخَصْمُ مَعَ شَاهِدِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الطَّعْنُ فِي الْبَيِّنَةِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ وَرِثَهُ فَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُمَا ذَكَرَا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَوْ أَنَّهُمَا ابْتَاعَا الدَّارَ رُدَّا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِمَّا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ بِهِ) أَيْ بِالْجَرْحِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى نَدْبِ التَّوَقُّفِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ لَمْ يُقْبَلْ لَكِنْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ إلَخْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطَ قَوْلِهِ السَّابِقِ يَجِبُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا لِلشُّرْبِ وَقْتًا) أَيْ بِعَيْنِهِ، وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ) أَقُولُ: الْقِيَاسُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ نَسِيَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْبَيِّنَةُ هُنَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا حِينَ قَوْلِهِمَا لَسْنَا بِشَاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ نَسِيَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاطِ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ وَذِكْرُ أَصْلَحَ يُفِيدُ ذَلِكَ: أَيْ بِاعْتِبَارِ مَقْصُودِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ حَمْلُهُ) فِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا يَجِبُ حَمْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>