الْآنَ وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ) وَأَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ أَوْ لِيَكْتُبَ بِهَا الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ) وَإِنْ قَالَ هُوَ مُمْتَنِعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ بِوَدِيعَةٍ لِلْمُدَّعِي فِي يَدِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ لِكَوْنِ الْمُودِعِ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ، وَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِأَنَّ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَدِيعَةً وَسَمَاعِ بَيِّنَتِهِ بِهَا لَكِنْ لَا يَحْكُمُ وَلَا يُوفِيهِ مِنْ مَالِهِ، إذْ لَيْسَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ بِإِتْلَافِهِ لَهَا أَوْ تَلَفِهَا عِنْدَهُ بِتَقْصِيرٍ سَمِعَهَا وَحَكَمَ وَوَفَّاهُ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ بَدَلَهَا حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ الدُّيُونِ. قَالَ: وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ جُحُودِ الْمُودِعِ وَتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ فَيَضْبِطُهَا عِنْدَ الْقَاضِي بِإِقَامَتِهَا لَدَيْهِ وَإِشْهَادِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لِيَسْتَغْنِيَ بِإِقَامَتِهَا عِنْدَ جُحُودِ الْمُودِعِ إذَا حَضَرَ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَعَذَّرُ حِينَئِذٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَظَرَ إلَيْهِ شَيْخُهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَخَافَةَ إنْكَارِهِ مُسَوِّغٌ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ. وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ عَيْنٌ حَاضِرَةٌ فِي عَمَلِ الْحَاكِمِ الَّذِي وَقَعَتْ عِنْدَهُ الدَّعْوَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِبَلَدِهِ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَيْنِهِ لِيُوفِيَهُ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَمْنَعْ قَوْلُهُ هُوَ مُقِرٌّ مِنْ سَمَاعِهَا أَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدَةً بِالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ إرَادَةِ مُطَابَقَةِ دَعْوَاهُ بَيِّنَتَهُ هُوَ مُقِرٌّ لِي بِكَذَا وَلِي بَيِّنَةٌ مَمْنُوعٌ فِي الْأَخِيرَةِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِجُحُودٍ وَلَا إقْرَارٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ) لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ جُحُودَهُ فِي غَيْبَتِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْحَقِّ فَتُجْعَلُ غَيْبَتُهُ كَكِسْوَتِهِ. وَالثَّانِي لَا تُسْمَعُ إلَّا عِنْدَ التَّعَرُّضِ لِلْجُحُودِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُ مُسَخَّرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُشَدَّدَةِ (يُنْكِرُ عَنْ الْغَائِبِ) وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُقِرًّا فَيَكُونُ إنْكَارُ الْمُسَخَّرِ كَذِبًا، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ نَصْبُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ (وَيَجِبُ) فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ أَمْ عَيْنٍ أَمْ بِصِحَّةِ عَقْدٍ أَمْ إبْرَاءٍ كَأَنْ أَحَالَ الْغَائِبُ عَلَى مَدِينٍ لَهُ حَاضِرٌ فَادَّعَى إبْرَاءَهُ لِاحْتِمَالِ دَعْوَى أَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ (أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ) وَتَعْدِيلُهَا (أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ) إلَى الْآنَ احْتِيَاطًا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَرُبَّمَا ادَّعَى أَدَاءً أَوْ إبْرَاءً أَوْ نَحْوَهُمَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ لِتَأْجِيلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ بَلْ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا، وَكَذَا نَحْوُ الْإِبْرَاءِ كَمَا يَأْتِي، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَتَعَرَّضَ مَعَ الثُّبُوتِ وَلُزُومِ التَّسْلِيمِ إلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ فِي شُهُودِهِ قَادِحًا فِي الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ كَفِسْقٍ وَعَدَاوَةٍ وَتُهْمَةٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَمِينٍ ثَانِيَةٍ لِلِاسْتِظْهَارِ بَعْدَ الْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلْحُجَّةِ وَهَذَا فَرْضُهُ فِي الْغَائِبِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَجْرِيَانِ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَزَادَ الشَّارِحُ الْمَيِّتَ وَبَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَيَجْرِيَانِ بِقَوْلِهِ: أَيْ الْوَجْهَانِ كَمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ كَالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ، وَأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ لِلِاسْتِظْهَارِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ) أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُوَ مُقِرٌّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ) أَيْ الْغَائِبُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدَةً إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ) أَيْ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَرِّيَ فِي إنْكَارِهِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ تَحْتَ يَدِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إلَى إلَخْ
[حاشية الرشيدي]
الْآتِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَكْتُبَ بِهَا) اُنْظُرْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي نَصْبَ مُسَخَّرٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَزَاءِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ سَائِغٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسْتَحَبُّ نَصْبُهُ) اُنْظُرْهُ مَعَ الْعِلَّةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ هَذَا) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْتَفَى مِنْهُ بِأَحَدِ هَذَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِتَلَازُمِهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute