للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ أُجِيبَ، وَلَا يَبْطُلُ الْحَقُّ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الْيَمِينِ، وَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُكَمِّلَةً لِلْحُجَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ، وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ وَحَلَفَ ثُمَّ نُقِلَ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ لِيَحْكُمَ بِهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ إعَادَتِهَا. أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ التَّحْلِيفُ عَلَى طَلَبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يَجِبْ يَمِينٌ جَزْمًا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخُصُومَاتِ فِي نَحْوِ الْيَمِينِ بِالْمُوَكِّلِ لَا بِالْوَكِيلِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لِلْقَاضِي سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ وَإِنْ حَضَرَ وَكِيلُهُ لِوُجُودِ الْغَيْبَةِ الْمُسَوِّغَةِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَالْقَضَاءُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَدَعْوَى قِنٍّ عِتْقًا أَوْ امْرَأَةٍ طَلَاقًا عَلَى غَائِبٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ إذْ لَاحَظَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْعِتْقِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْبَغَوِيّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ نَحْوَ بَيْعٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْجَوَاهِرِ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ خَوْفًا مِنْ مُفْسِدٍ قَارَنَ الْعَقْدَ أَوْ طُرُوُّ مُزِيلٍ لَهُ، وَيَكْفِي أَنَّهُ الْآنَ مُسْتَحِقٌّ لِمَا ادَّعَاهُ (وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ) التَّحْلِيفُ لِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ إنْ كَانَ ثَمَّ دَافِعٌ نَعَمْ لَوْ غَابَ الْمُوَكِّلُ فِي مَحَلٍّ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَهُوَ بِهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْحُكْمُ بِمَا ادَّعَى بِهِ وَكِيلُهُ عَلَى حَلِفٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يُسَوِّغُ سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ بِهِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مِنْ حَلِفِهِ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْوَجْهَانِ كَمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ (فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ) لَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يَطْلُبْ إذْ الْيَمِينُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ، وَمَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَالْغَائِبِ بَلْ أَوْلَى لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّدَارُكِ، فَإِذَا كَمُلَا أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ فَهُمْ عَلَى حُجَّتِهِمْ. أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَامِلٌ فَلَا بُدَّ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ مِنْ طَلَبِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْوَلِيِّ وَاضِحٌ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى طَلَبِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ جَمِيعُ الْغُرَمَاءِ مَعَ سُكُوتِهِمْ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ الْحَقُّ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ) أَيْ عَنْ الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ) أَيْ بِأَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْغَائِبِ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى حُضُورِهِ أَوْ يَطْلُبَ الْإِنْهَاءَ إلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُحَلِّفَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ التَّحْلِيفُ عَلَى طَلَبِهِ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى ذَلِكَ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ غَابَ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَطْلُبْ) الْأَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْوَلِيِّ وَاضِحٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ الَّتِي هِيَ لِلْوَارِثِ فَتَرْكُهُ لِطَلَبِ الْيَمِينِ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ، بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ عَنْ الصَّبِيِّ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِهَا حِسْبَةً مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ وُجُودُ الدَّعْوَى، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَاسَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَبَعًا لِلتُّحْفَةِ كَغَيْرِهَا وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِهَا، وَذَكَرَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ اسْتَشْكَلَهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْإِقْرَارِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ، وَأَنَّهُ بَحَثَ فِي ذَلِكَ مَعَ الشَّارِحِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ. وَأَقُولُ: لَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى ذِكْرُ أَنَّهُ مُقِرٌّ فِي الْحَالِ وَهُوَ غَيْرُ ذِكْرِ إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقَرَّ لِلْبَيِّنَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْآنَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَوَقَّفْ الْحُكْمُ بِمَا ادَّعَى بِهِ وَكِيلُهُ) أَيْ عَلَى غَائِبٍ، وَقَوْلُهُ عَلَى حَلِفٍ: أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلِ، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا لِأَنَّهُ عَيْنُ الْمَتْنِ الْآتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>