نَعَمْ لَوْ كَانَ سُكُوتُهُ عَنْ طَلَبِهَا لِجَهْلِهِ بِالْحَالِ عَرَّفَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا قَضَى عَلَيْهِ بِدُونِهَا
(وَلَوْ) (ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى الْغَائِبِ) فِي مَسَافَةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهَا وَكَذَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَيِّتٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرَ بَيْتِ الْمَالِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَا تَحْلِيفَ) بَلْ يُحْكَمُ بِالْبَيِّنَةِ لِانْتِفَاءِ تَصْوِيرِ حَلِفِ الْوَكِيلِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ وَاسْتِحْقَاقِ مُوَكِّلِهِ لَهُ، وَلَوْ وَقَفْنَا الْأَمْرَ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ لَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ وَكَّلَ ثُمَّ غَابَ فَطَلَبَ وَكِيلُهُ الْحُكْمَ أَجَابَهُ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى يَمِينِ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، إذْ التَّوْكِيلُ هُنَا إنَّمَا وَقَعَ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ دَيْنًا لَهُ عَلَى كَامِلٍ فَادَّعَى وُجُودَ مُسْقِطٍ كَأَتْلَفَ أَحَدُهُمَا عَلَيَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَدَّعِيهِ بِقَدْرِ دَيْنِهِ وَكَأَبْرَأَنِي مُوَرِّثُهُ أَوْ قَبَضَهُ مِنِّي قَبْلَ مَوْتِهِ وَكَأَقْرَرْتُ لَكِنْ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ لَمْ يُؤَخَّرْ الِاسْتِيفَاءُ لِأَجْلِ الْيَمِينِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا بَعْدَ كَمَالِهِ لِإِقْرَارِهِ فَلَمْ يُرَاعَ، بِخِلَافِ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ غَائِبٍ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الْكَمَالِ وَالْحُضُورِ كَمَا صَرَّحَا بِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْيَمِينِ الْمُتَعَذِّرَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ ثَمَّ مَفْسَدَةٌ عَامَّةٌ وَهِيَ تَعَذُّرُ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا، لَكِنْ يُتَّجَهُ أَخْذُ كَفِيلٍ، وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَذَهَبُوا إلَى خِلَافِهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الِانْتِظَارِ مِنْ ضَيَاعِ الْحَقِّ وَهُوَ قَوِيٌّ مَدْرَكًا لَا نَقْلًا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَخِفُّ بِالْكَفِيلِ الْمَارِّ، إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَخْذُ الْحَاكِمِ مِنْ مَالِهِ تَحْتَ يَدِهِ مَا يَفِي بِالْمُدَّعَى أَوْ ثَمَنِهِ إنْ خَافَ تَلَفَهُ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فِيمَا بَاشَرَهُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي
(وَلَوْ) (حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ) بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ وَكِيلٍ غَائِبٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ (لِوَكِيلِ الْمُدَّعِي) الْغَائِبِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) أَوْ قَضَيْتُهُ مَثَلًا فَارْفَعْ عَنِّي الطَّلَبَ إلَى حُضُورِهِ لِيَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَيْته لَمْ يُجَبْ، وَ (أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ) لَهُ ثُمَّ يُثْبِتُ الْإِبْرَاءَ أَوْ نَحْوُهُ إنْ كَانَ لَهُ بِهِ حُجَّةٌ. لِأَنَّا لَوْ وَقَفْنَا الْأَمْرَ لَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْوُكَلَاءِ، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى عِلْمَ الْوَكِيلِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ تَقْتَضِي اعْتِرَافَهُ بِمَا يُسْقِطُ مُطَالَبَتَهُ لِخُرُوجِهِ بِاعْتِرَافِهِ بِهَا مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْخُصُومَةِ، بِخِلَافِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ نَحْوِهِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْوَكِيلِ، وَيَكْتَفِي بِمُصَادَقَةِ الْخَصْمِ لِلْوَكِيلِ عَلَى دَعْوَاهُ لِلْوَكَالَةِ، إذْ الْقَصْدُ إثْبَاتُ الْحَقِّ لَا تَسَلُّمُهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلِيِّ الْمَيِّتِ وَمُرَادُهُ بِهِ الْوَارِثُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: عَلَى الْمَيِّتِ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّاظِرَ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِلْوَقْفِ عَلَى مَيِّتٍ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً لَمْ يَحْلِفْ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ، لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَأَثْبَتَ حَقًّا لِغَيْرِهِ بِيَمِينِهِ. وَمَحَلُّهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فِيمَا بَاشَرَهُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ أَوْ آجَرَ الْمَيِّتَ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَوْ لَمْ يَدَّعِ الْوَارِثُ عِلْمَ النَّاظِرِ بِبَرَاءَةِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ حَلَفَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَيْضًا نَعَمْ لَوْ ادَّعَى عِلْمَ الْوَكِيلِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ نَحْوَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَكَّلَ) أَيْ فِي تَمَامِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةً بِالْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَى أَحَدِهِمَا: أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: مَا يَفِي بِالْمُدَّعَى) أَيْ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَكْتَفِي بِمُصَادَقَةِ الْخَصْمِ) أَيْ فِي سَمَاعِ دَعْوَى الْوَكِيلِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ) أَيْ وَكِيلُ غَائِبٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْمَتْنِ الَّذِي شَرَحَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فِي مَسَافَةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهَا) أَيْ وَالْمُوَكِّلُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: لِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَلَوْ ضَمَّنَّا (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ) أَيْ عَقِبَ هَذِهِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الطِّفْلِ وَإِنْ كَانَتْ هُنَا لِدَفْعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْقِطِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لِلِاسْتِظْهَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ غَائِبٍ) أَيْ وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute