للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُبَرِّئٍ وَلَا يُبَرَّأُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ

(وَإِذَا) (ثَبَتَ) عِنْدَ حَاكِمٍ (مَالٌ عَلَى غَائِبٍ) أَوْ مَيِّتٍ وَحَكَمَ بِهِ بِشَرْطِهِ (وَلَهُ مَالٌ) حَاضِرٌ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ، أَوْ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى حَاضِرٍ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ: لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ، إذْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ ثَابِتًا عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ فَلَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى لِإِثْبَاتِهِ (قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ) بَعْدَ طَلَبِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَا يُطَالِبُهُ بِكَفِيلٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَالِ، وَلَا يُعْطِيهِ بِمُجَرَّدِ الثُّبُوتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، أَمَّا إذَا كَانَ خَارِجَ وِلَايَتِهِ فَسَيَأْتِي. وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ الْحَاضِرُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ كَزَوْجَةٍ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالِّ قَبْلَ الْوَطْءِ وَبَائِعٍ يَدَّعِي بِالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ كَبَائِعٍ لَهُ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ حَيْثُ اسْتَحَقَّهُ فَيُجِيبُهُ وَلَا يُوفِي الدَّيْنَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ مُمَوِّنُ الْغَائِبِ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَطَلَبَ قَضَاءَهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ نَحْوَ مَرْهُونٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ فَلِلْقَاضِي بِطَلَبِ الْمُدَّعِي إجْبَارُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ بِطَرِيقِهِ لِيَبْقَى الْفَاضِلُ لِلدَّيْنِ اهـ. وَلَوْ بَاعَ قَاضٍ مَالَ غَائِبٍ فِي دَيْنِهِ فَقَدِمَ وَأَبْطَلَ الدَّيْنَ بِإِثْبَاتِ نَحْوِ فِسْقِ الشَّاهِدِ بِهِ، فَالْمُتَّجَهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ (فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحَالِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ) أَوْ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ الْقُضَاةِ (أَجَابَهُ) حَتْمًا وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ غَرِيمِهِ وَوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ (فَيُنْهِي سَمَاعَ بَيِّنَةٍ) ثَبَتَ بِهَا الْحَقُّ ثُمَّ إنْ عَدَّلَهَا لَمْ يَحْتَجْ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى تَعْدِيلِهَا وَإِلَّا احْتَاجَ إلَيْهِ (لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ وَخَرَجَ بِهَا عِلْمُهُ فَلَا يَكْتُبُ بِهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ الْآنَ لَا قَاضٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْعُدَّةِ، لَكِنْ ذَهَبَ السَّرَخْسِيُّ إلَى خِلَافِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ عِلْمَهُ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَشَافَهَهُ بِحُكْمِهِ إلَخْ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ كِتَابَتِهِ بِسَمَاعِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ لِيَسْمَعَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ شَاهِدًا آخَرَ أَوْ يُحَلِّفَهُ لَهُ (أَوْ) يُنْهِيَ إلَيْهِ (حُكْمًا) إنْ حَكَمَ (لِيَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا بُعْدُ الْمَسَافَةِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ شَهِدَا عِنْدَ غَيْرِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَمْضَاهُ إذْ الِاعْتِمَادُ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ مِنْ الْكَاتِبِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْبَيِّنَةَ الَّتِي سَمِعَهَا وَعَدَّلَهَا وَلَمْ يُسَمِّهَا لِيَقْدَحَ فِيهَا أَجَابَهُ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّ الْقَاضِي فُلَانًا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَانَ قَدْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ حُكِمَ بِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَصْلِ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُمْ إذَا عُزِلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ وَلِيَ أَعَادَهَا مَحَلَّهُ كَمَا بَيَّنَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا حَكَمَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حُكِمَ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اسْتِعَادَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حُكِمَ بِالْإِلْزَامِ بِالْحَقِّ، وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ وَالْكِتَابُ بِالسَّمَاعِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ كَمَا لَوْ فَسَقَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِسْقُهُ قَبْلَ عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِالسَّمَاعِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِكِتَابِ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ، فَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ مُمَوِّنُ الْغَائِبِ) أَيْ نَفَقَةُ مُمَوِّنِ الْغَائِبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا حَكَمَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حَكَمَ) لَعَلَّهُ عُزِلَ (قَوْلُهُ: وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبُ (قَوْلُهُ: وَالْكِتَابُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى غَائِبٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَيِّتٍ) لَعَلَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ، أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ فَظَاهِرٌ أَنَّ وَارِثَهُ هُوَ الْمُطَالِبُ كَوَلِيِّ نَحْوِ الصَّبِيِّ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ نَحْوَ الصَّبِيِّ هُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ لَا يَعْطِفَهُ عَلَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَجْعَلُهُ غَايَةً فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحْكُمْ) هَذَا لَا يَنْسَجِمُ مَعَهُ تَفْصِيلُ الْمَتْنِ الْآتِي مِنْ جُمْلَتِهِ إنْهَاءُ الْحُكْمِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثَبَتَ بِهَا الْحَقُّ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ، إذْ لَا ثُبُوتَ إلَّا بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَا عِلْمُهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) وَجْهُ التَّأْيِيدِ قَبُولُ مُجَرَّدِ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِسْقُهُ قَبْلَ عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>