للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمُ لِغَرِيبٍ حَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ بِبَلَدِ الْغَرِيبِ وَلَهُ بَيِّنَةٌ مِنْ بَلَدِهِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمْ عِنْدَهُ وَهُمْ عَازِمُونَ عَلَى السَّفَرِ إلَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِتَزْكِيَتِهِمْ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِهِمْ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ سَمِعَهَا لَمْ يَكْتُبْ بِهَا بَلْ يَقُولُ لَهُ اذْهَبْ مَعَهُمْ لِقَاضِي بَلَدِك وَبَلَدِ مِلْكِك لِيَشْهَدُوا عِنْدَهُ (وَالْإِنْهَاءُ أَنْ يَشْهَدَ) ذَكَرَيْنِ (عَدْلَيْنِ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ رَجُلَانِ وَلَوْ فِي مَالٍ أَوْ هِلَالِ رَمَضَانَ (وَيُسْتَحَبُّ كِتَابٌ بِهِ) لِيَذْكُرَ الشَّاهِدُ الْحَالَ (يَذْكُرُ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمَحْكُومُ) أَوْ الْمَشْهُودُ (عَلَيْهِ) وَلَهُ مِنْ اسْمٍ وَنَسَبٍ وَصَنْعَةٍ وَحِلْيَةٍ وَأَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَتَارِيخِهِ (وَيَخْتِمُهُ) نَدْبًا حِفْظًا لَهُ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَخَتْمُ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِخَتْمِهِ أَنْ يَقْرَأَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ عَلَى الشَّاهِدِينَ وَيَقُولُ أُشْهِدُكُمَا أَنِّي كَتَبْت إلَى فُلَانٍ بِمَا فِيهِ، وَلَا يَكْفِي أُشْهِدكُمَا أَنَّ هَذَا خَطِّي أَوْ أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمِي، وَيَدْفَعُ لَهُمَا نُسْخَةً أُخْرَى غَيْرَ مَخْتُومَةٍ يَتَذَكَّرَانِ بِهَا، وَلَوْ خَالَفَاهُ أَوْ انْمَحَى أَوْ ضَاعَ فَالْعِبْرَةُ بِقَوْلِهِمَا (وَ) بَعْدَ وُصُولِهِ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ) مَا فِيهِ، وَفِي ذَلِكَ إيمَاءٌ إلَى اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْخَصْمِ وَإِثْبَاتِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي وَجْهِهِ أَوْ إثْبَاتِ غَيْبَتِهِ الْغَيْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ وَنُقِلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَذَهَبَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ مُتَأَخِّرِي فُقَهَاءِ الْيَمَنِ لِأَنَّ الْقَاضِي الْمُنْهَى إلَيْهِ مُنَفِّذٌ لِمَا قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَا مُبْتَدِئٌ لِلْحُكْمِ، وَقَدْ قَطَعَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ التَّنْفِيذَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُضُورُ الْخَصْمِ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّنْفِيذَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَحْكَامِ، وَأَمَّا الْحُكْمُ هُنَا فَلَا يُقَالُ لَهُ تَنْفِيذٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنْ لَمْ يَحْكُمْ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يَكُنْ بِمَحِلِّهِ مَالٌ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ لَمْ يَتِمَّ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ عَدَمِ الْحُكْمِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ مَا هُنَا مَحْضُ تَنْفِيذٍ فَاعْتُبِرَ حُضُورُ الْخَصْمِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ حُكْمٌ احْتِيَاطًا (فَإِنْ قَالَ لَسْتُ الْمُسَمَّى فِي الْكِتَابِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ (وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) وَتَكْفِي فِيهَا الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَمَا أَخَذَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِهِمَا حُكِمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُلْتَفَتْ لِإِنْكَارِهِ (فَإِنْ أَقَامَهَا) بِذَلِكَ (فَقَالَ لَسْتُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْحُكْمُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَاتِ) أَوْ كَانَ وَلَمْ يُعَاصِرْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ) هُنَاكَ مَنْ يُشَارِكُهُ بِعِلْمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ سَمِعَهَا) أَيْ عَلَى خِلَافِ مَا طُلِبَ مِنْهُ أَوْ وَقَعَ سَمَاعُهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ إثْبَاتِ غَيْبَتِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ) هُوَ بِالرَّفْعِ خَبَرُ أَنَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِيَذْكُرَ الشَّاهِدُ الْحَالَ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُ بِهِ الشَّاهِدُ الْحَالَ هِيَ النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُرَادُ بِخَتْمِهِ أَنْ يَقْرَأَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَخَتْمُ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَتْمِهِ جَعْلُ نَحْوِ شَمْعٍ عَلَيْهِ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ بِخَاتَمِهِ لِأَنَّهُ يَنْحَفِظُ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُ بِهِ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَعَنْ هَذَا يُحْمَلُ مَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُرْسِلُ كُتُبَهُ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ فَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَبُولِهَا إلَّا مَخْتُومَةً، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا وَنَقَشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَيُسَنُّ لَهُ ذِكْرُ نَقْشِ خَاتَمِهِ الَّذِي يَخْتِمُ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَأَنْ يُثْبِتَ اسْمَ نَفْسِهِ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي بَاطِنِهِ وَعِنْوَانَهُ، وَقَبْلَ خَتْمِهِ يَقْرَؤُهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ وَقَبْلَ خَتْمِهِ هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْقَافِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَكَانَ الشَّارِحُ ظَنَّ أَنَّهُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَأَنَّهُ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا مَرَّ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ ذِكْرَ الْمُقَابِلِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِرُمَّتِهَا لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا اسْمُ إنَّ وَالْمَكْتُوبُ بَدَلٌ مِنْهُ وَاسْمُهُ وَنَسَبُهُ خَبَرُ إنَّ فَالْإِشَارَةُ لِلْمَكْتُوبِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا، اسْمُ إنَّ وَالْمَكْتُوبُ مُبْتَدَأٌ وَاسْمُهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ خَبَرُ إنَّ، فَالْإِشَارَةُ لِلشَّخْصِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لِيَتَأَتَّى لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إنْكَارُ كَوْنِهِ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ، وَالنَّظَرُ فِي أَنَّ هُنَاكَ مُشَارِكًا أَوْ لَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>