لَا بَيْعٌ، وَالرِّبَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ جَرَيَانُهُ فِي الْعَقْدِ دُونَ غَيْرِهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي الرِّبَوِيِّ، إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَى حَقِّهِ فِيهِ وَلَوْ مَعَ الرِّضَا فَيَأْتِي فِيهِ هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الرِّبَا فِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ وَمُخْتَلِفِيهِ وَفِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ. وَتَصِحُّ قِسْمَةُ الْإِفْرَازِ فِيمَا تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا ثُمَّ يُخْرِجُ كُلٌّ زَكَاةَ مَا آلَ إلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ مَا أَخْرَجَ عَلَى إخْرَاجِ الْآخَرِ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالتَّفَاوُتِ جَازَ، وَمَا نَازَعَهُمْ بِهِ مِنْ أَنَّ الْوَجْهَ مَنْعُهُ فِي الْإِفْرَازِ مَرْدُودٌ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ تَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ قِسْمَةِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ وَلَوْ مُخْتَلِطًا مِنْ نَحْوِ بُسْرٍ وَرُطَبٍ وَمُنَصَّفٍ وَتَمْرٍ جَافٍ خَرْصًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إفْرَازٌ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ (الثَّانِي) الْقِسْمَةُ (بِالتَّعْدِيلِ) بِأَنْ تُعَدَّلَ السِّهَامُ بِالْقِيمَةِ (كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا بِحَسَبِ قُوَّةِ إنْبَاتٍ وَقُرْبِ مَاءٍ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَرْفَعُ قِيمَةَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَبُسْتَانٍ بَعْضُهُ نَخْلٌ وَبَعْضُهُ عِنَبٌ وَدَارٍ بَعْضُهَا مِنْ حَجَرٍ وَبَعْضُهَا مِنْ لَبِنٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ لِجَوْدَتِهِ كَالثُّلُثَيْنِ قِيمَةً فَيُجْعَلُ سَهْمًا وَهُمَا سَهْمَانِ إنْ كَانَتْ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ جُعِلَتْ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْمِسَاحَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْقِيمَةِ عِنْدَ التَّجْزِئَةِ (وَيُجْبَرُ) الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا (عَلَيْهَا) أَيْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ (فِي الْأَظْهَرِ) إلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ بِهِ فِي الْأَجْزَاءِ، نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا فِيهِمَا كَأَرْضَيْنِ يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَجْزَاءِ فَلَا يُجْبَرُ عَنْ التَّعْدِيلِ كَمَا بَحَثَاهُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِجْبَارِ فِي الْمُنْقَسِمِ الْحَاجَةُ إلَى بَقَاءِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهَا مُشَاعَةً بَيْنَهُمْ يَمُرُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا إلَى مَا خَرَجَ لَهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُ كُلٍّ بِطَرِيقٍ، وَلَوْ اقْتَسَمَا بِالتَّرَاضِي الْمُتَسَفِّلَ لِوَاحِدٍ وَالْمُسْتَعْلِي لِآخَرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلسَّطْحِ بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ لِبَقَاءِ الْعُلْقَةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ السَّطْحَ تَابِعٌ كَالطَّرِيقِ، وَالثَّانِي لَا، لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْمَنَافِعِ (وَلَوْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ دَارَيْنِ أَوْ حَانُوتَيْنِ) سَوَاءٌ أَكَانَا مُتَلَاصِقَيْنِ أَمْ لَا (فَطَلَبَ جَعْلَ كُلٍّ لِوَاحِدٍ فَلَا إجْبَارَ) لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ وَالْأَبْنِيَةِ، نَعَمْ لَوْ اشْتَرَكَا فِي دَكَاكِينَ صِغَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ مُسْتَوِيَةِ الْقِيمَةِ لَا يَحْتَمِلُ آحَادُهَا الْقِسْمَةَ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ أَعْيَانِهَا أُجِيبَ إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ بِهَا، قَالَ الْجِيلِيُّ: إلَّا أَنْ تَنْقُصَ الْقِيمَةُ بِقِسْمَتِهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ كُلٍّ لِوَاحِدٍ مَا لَوْ لَمْ يَطْلُبْ أَحَدٌ خُصُوصَ ذَلِكَ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ (أَوْ) اسْتَوَتْ قِيمَةُ مُتَقَوِّمٍ نَحْوِ (عَبِيدٍ أَوْ ثِيَابٍ مِنْ نَوْعٍ) وَصِنْفٍ وَاحِدٍ فَطَلَبَ جَعْلَ كُلٍّ لِوَاحِدٍ كَثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ مُسْتَوِيَةٍ كَذَلِكَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَكَثَلَاثَةٍ يُسَاوِي اثْنَانِ مِنْهَا وَاحِدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ (أُجْبِرَ) إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ بِهَا لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا (أَوْ) مِنْ (نَوْعَيْنِ) أَوْ صِنْفَيْنِ كَهِنْدِيٍّ وَتُرْكِيٍّ وَضَائِنَتَيْنِ مِصْرِيَّةٍ وَشَامِيَّةٍ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا أَمْ لَا، وَكَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (فَلَا) إجْبَارَ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِكُلِّ نَوْعٍ وَعِنْدَ الرِّضَا بِالتَّفَاوُتِ فِي قِسْمَةٍ هِيَ بَيْعٌ. قَالَ الْإِمَامُ: لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْبَيْعِ لِأَنَّ لَفْظَ الْقِسْمَةِ يَدُلُّ عَلَى التَّسَاوِي، لَكِنْ نَازَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا جَرَى أَمْرٌ مُلْزِمٌ وَهُوَ الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ: أَيْ وَيَكُونُ الزَّائِدُ عِنْدَ الْعِلْمِ كَالْمَوْهُوبِ الْمَقْبُوضِ، وَلِمُسْتَأْجِرِي أَرْضٍ تَنَاوُبُهَا وَقِسْمَتُهَا وَهَلْ يَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ؟ وَجْهَانِ. وَقَضِيَّةُ الْإِجْبَارِ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مَا أَخْرَجَ) الْأَوْلَى مِنْ كَمَا عَبَّرَ بِهَا حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ لِبَقَاءِ الْعُلْقَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ مَعَ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ فِي السَّطْحِ وَلَمْ يَقُولُوا بِفَسَادِهَا لِوُجُودِ الشَّرِكَةِ فِي بَعْضِ الْمُشْتَرَكِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ لَا كَمَا يَأْتِي، وَعَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ أَجَّرَهَا الْحَاكِمُ
[حاشية الرشيدي]
بِهِ مَثَلًا، وَمُرَادُهُ بِهَذَا تَصْوِيرُ انْتِفَاعِهِ بِمَا يَخْرُجُ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا إلَخْ) كَأَنَّ هَذَا مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَقَدْ مَرَّتْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: يَمُرُّ كُلٌّ مِنْهُمَا) حَقُّ الْعِبَارَةِ كُلٌّ مِنْهُمْ وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَطَلَبَ جَعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ عَلَى الْإِبْهَامِ بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْقُرْعَةُ كَمَا لَا يَخْفَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute