الْإِجْبَارُ هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِتَعَذُّرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسَافَةِ فَتَعَيَّنَتْ الْقِسْمَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُمَا الْمَنْفَعَةَ إلَّا بِهَا بِخِلَافِهَا هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ مَلَكَا شَجَرًا دُونَ أَرْضِهِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُمَا إنْ اسْتَحَقَّا مَنْفَعَتَهَا عَلَى الدَّوَامِ بِنَحْوِ وَقْفٍ لَمْ يُجْبَرَا عَلَى الْقِسْمَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ الدَّائِمَةِ كَمِلْكِهَا فَلَمْ تَنْقَطِعْ الْعُلْقَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّاهَا، كَذَلِكَ أُجْبِرَا إنْ كَانَتْ إفْرَازًا أَوْ تَعْدِيلًا، وَلَا نَظَرَ لِبَقَاءِ شَرِكَتِهِمَا فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ الِانْقِضَاءِ، كَمَا لَا نَظَرَ لِشَرِكَتِهِمَا فِي نَحْوِ التَّمْرِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، وَيَأْتِي فِي قِسْمَتِهِمَا الْمَنْفَعَةَ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ (الثَّالِثُ) الْقِسْمَةُ (بِالرَّدِّ) وَهِيَ الَّتِي يُحْتَاجُ فِيهَا لِرَدِّ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ مَالًا أَجْنَبِيًّا (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (يَكُونَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ، وَلَيْسَ فِي الْآخَرِ مَا يُعَادِلُهُ إلَّا بِضَمِّ شَيْءٍ مِنْ خَارِجٍ إلَيْهِ وَمِنْهُ (بِئْرٌ أَوْ شَجَرٌ) مَثَلًا (لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَيَرُدُّ مَنْ يَأْخُذُهُ قِسْطَ قِيمَتِهِ) أَيْ نَحْوِ الْبِئْرِ أَوْ الشَّجَرِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ جَانِبٍ أَلْفًا وَقِيمَةُ نَحْوِ الْبِئْرِ أَلْفًا رَدَّ مَنْ أَخَذَ جَانِبَهَا خَمْسَمِائَةٍ، وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ عَلَى مَا قِيلَ مِنْ رَدِّ الْأَلْفِ خَطَأٌ، وَمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ رَدًّا وَتَعْدِيلًا يُجَابُ طَالِبُ قِسْمَتِهِ إجْبَارًا وَإِلَّا اُشْتُرِطَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا (وَلَا إجْبَارَ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا النَّوْعِ لِأَنَّهُ دَخَلَهُ مَا لَا شَرِكَةَ فِيهِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَرْدُودُ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا النَّوْعُ وَهُوَ قِسْمَةُ الرَّدِّ (بَيْعٌ) لِوُجُودِ حَقِيقَتِهِ وَهُوَ مُقَابَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ نَحْوِ خِيَارٍ وَشُفْعَةٍ، نَعَمْ لَا يُفْتَقَرُ لِلَفْظِ تَمْلِيكٍ وَقَبُولٍ بَلْ الرِّضَا قَائِمٌ مَقَامَهُمَا، وَلَهُمَا الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَنْ يَأْخُذُ النَّفِيسَ يُرَدُّ وَأَنْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ لِيَرُدَّ مَنْ خَرَجَ لَهُ (وَكَذَا التَّعْدِيلُ) أَيْ قِسْمَتُهُ بَيْعٌ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ (وَقِسْمَةُ الْأَجْزَاءِ) بِإِجْبَارٍ أَوْ دُونِهِ (إفْرَازٌ) لِلْحَقِّ: أَيْ يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ هُوَ الَّذِي مَلَكَهُ كَاَلَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ (فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ وَلَمَا جَازَ فِيهَا الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُرْعَةِ.
وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِقِسْمَةِ التَّعْدِيلِ فَإِنَّهَا بَيْعٌ وَدَخَلَهَا الْإِجْبَارُ وَجَازَ الِاعْتِمَادُ فِيهَا عَلَى الْقُرْعَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمَّا انْفَرَدَ بِبَعْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ، وَلَمْ نَقُلْ بِالتَّبَيُّنِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْإِفْرَازِ لِلتَّوَقُّفِ هُنَا عَلَى التَّقْوِيمِ، وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ قِسْمَةُ الرَّدِّ بَيْعًا لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِجْبَارُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَ الْمَدِينِ جَبْرًا، وَلَمْ يَقَعْ فِي الرَّدِّ لِأَنَّهُ إجْبَارٌ عَلَى دَفْعِ مَالٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالثَّانِي أَنَّهَا بَيْعٌ لِأَنَّ مَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ إلَّا وَكَانَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمَا، فَإِذَا اقْتَسَمَا فَكَأَنَّهُ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا كَانَ لَهُ فِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَيْهِمَا
قَطْعًا لِلنِّزَاعِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا أَوْ تَعْدِيلًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ رَدًّا إذْ لَا إجْبَارَ فِيهَا (قَوْلُهُ: الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ: أَيْ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْكَيْفِيَّةُ فِي الثَّانِي، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ مُهَايَأَةً مُيَاوَمَةً وَمُشَاهَرَةً وَمُسَانَهَةً وَعَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَزْرَعَ هَذَا مَكَانًا وَهَذَا مَكَانًا (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قِيلَ وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرُ مِنْ رَدِّ الْأَلِفِ خَطَأٌ اهـ.
وَصَوَابُهُ غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَتْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ رَدًّا وَتَعْدِيلًا إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ عَامِرًا وَبَعْضُهَا خَرَابًا أَوْ بَعْضُهَا ضَعِيفًا وَبَعْضُهَا قَوِيًّا أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ شَجَرٌ بِلَا بِنَاءٍ وَبَعْضُهَا فِيهِ بِنَاءٌ بِلَا شَجَرٍ أَوْ بَعْضُهَا عَلَى مَسِيلِ مَاءٍ وَبَعْضُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَوَّرَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ جَمِيعَ صُوَرِ التَّعْدِيلِ يَتَأَتَّى فِيهِ الرَّدُّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ اتِّفَاقُهُمَا إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ خَلَلٌ، وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ: إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا تَصِحُّ قِسْمَتُهَا بِالتَّعْدِيلِ وَبِالرَّدِّ فَدَعَا أَحَدُهُمَا إلَى التَّعْدِيلِ وَالْآخَرُ إلَى الرَّدِّ فَإِنْ أَجْبَرْنَا عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ: أَيْ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ أُجِيبَ الدَّاعِي إلَيْهَا وَإِلَّا وَقَفْنَا عَلَى تَرَاضِيهمَا بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَشُفْعَةٍ) أَيْ لِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ كَمَا إذَا تَقَاسَمَ شَرِيكَاهُ حِصَّتَهُمَا وَتَرَكَا حِصَّتَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِرِضَاهُ كَمَا صَوَّرَهُ بِذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمَّا انْفَرَدَ إلَخْ) لَمْ يُجِبْ عَنْ إشْكَالِ الْقُرْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute