للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِصَّةِ صَاحِبِهِ بِمَا لَهُ فِي حِصَّتِهِ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي أَوَائِلِ الرِّبَا وَزَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ، وَيَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ وَقْفٍ آخَرَ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا لَا بَيْعًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّالِبُ الْمَالِكَ أَمْ النَّاظِرَ أَمْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأُضْحِيَّةَ إذَا اشْتَرَكَ جَمْعٌ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ تَمْتَنِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا لِشَرْطِهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا إذَا صَدَرَ الْوَقْفُ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلِ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَدَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ، كَمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ وَذَلِكَ أَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَأَفْتَيْت بِهِ انْتَهَى. وَكَلَامُهُ مُتَدَافِعٌ فِيمَا إذَا صَدَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ، وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ بِمُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْجَوَازُ، وَفِي الثَّانِي عَدَمُهُ، نَعَمْ لَا تَمْتَنِعُ الْمُهَايَأَةُ حَيْثُ رَضُوا بِهَا لِانْتِفَاءِ التَّغْيِيرِ بِهَا وَلِعَدَمِ لُزُومِهَا

(وَيُشْتَرَطُ فِي) قِسْمَةِ (الرَّدِّ الرِّضَا) بِاللَّفْظِ (بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ) لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالْقُرْعَةِ فَافْتَقَرَ إلَى التَّرَاضِي بَعْدَهُ (وَلَوْ تَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ) كَقِسْمَةِ تَعْدِيلٍ وَإِفْرَازٍ (اُشْتُرِطَ) فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ قُرْعَةٌ (الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِمَا رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ) أَوْ بِهَذَا (أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ) أَمَّا فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ فَلِأَنَّهَا بَيْعٌ كَقِسْمَةِ الرَّدِّ. وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَقِيَاسًا عَلَيْهَا لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَوَجَبَ أَنْ يُنَاطَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ نَحْوِ بَيْعٍ، وَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَالْآخَرُ الْآخَرَ، أَوْ أَحَدُهُمَا الْخَسِيسَ وَالْآخَرُ النَّفِيسَ وَيُرَدُّ زَائِدُ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ لِتَرَاضٍ آخَرَ. أَمَّا قِسْمَةُ مَا قُسِمَ إجْبَارًا فَلَا يُعْتَبَرُ الرِّضَا فِيهَا لَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا، وَاعْتُرِضَتْ عِبَارَتُهُ بِأَنَّ فِيهَا خَلَلًا مِنْ أَوْجُهٍ إذْ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ قِسْمَةُ الرَّدِّ فَقَطْ وَقَدْ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِ الرِّضَا فَلَزِمَ التَّكْرَارُ وَالْجَزْمُ أَوَّلًا وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ ثَانِيًا وَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ وَفِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ وَأَنَّهُ عَكْسُ مَا بِأَصْلِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْخِلَافَ إلَّا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ، فَكَأَنَّهُ فِي الْكِتَابِ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ مَا فِيهِ إجْبَارٌ فَكَتَبَ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ.

وَلَعَلَّ عِبَارَتَهُ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ فَحُرِّفَتْ، وَبِهَذَا يَزُولُ التَّكْرَارُ وَالتَّنَاقُضُ وَالتَّعَاكُسُ وَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِمَا لَا إجْبَارَ فِيهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيهِ الْآنَ بِاعْتِبَارِ جَرَيَانِهِ بِالرِّضَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْإِجْبَارَ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ الْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا جَرَتْ بِالتَّرَاضِي، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ دَعْوَاهُ أَصْرَحِيَّةَ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْأَصْلِ مَحَلُّ نَظَرٍ لَا يَخْفَى (وَلَوْ ثَبَتَ) بِإِقْرَارٍ أَوْ عِلْمِ قَاضٍ أَوْ يَمِينِ رَدٍّ أَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ إفْرَازًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُسْتَوِيَةَ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: تَمْتَنِعُ مُطْلَقًا) أَيْ إفْرَازًا أَوْ بَيْعًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تَمْتَنِعُ الْمُهَايَأَةُ) وَكَالْمُهَايَأَةِ مَا لَوْ كَانَ الْمَحَلُّ صَالِحًا لِسُكْنَى أَرْبَابِ الْوَقْفِ جَمِيعِهِمْ فَتَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَرَ مِنْ اثْنَيْنِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا تَعَدَّدَ السَّبِيلُ وَبِمَا إذَا اتَّحَدَ، فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي إنَّ كَلَامَهُ مُتَدَافِعٌ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ) هُنَا سَقْطٌ مِنْ النَّسْخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ حَكَمُوا قَاسِمًا، فَإِنْ تَوَلَّاهَا حَاكِمٌ أَوْ مَنْصُوبُهُ جَبْرًا لَمْ يُعْتَبَرْ الرِّضَا قَطْعًا، وَلَوْ نَصَّبُوا وَكِيلًا عَنْهُمْ اُشْتُرِطَ رِضَاهُمْ بَعْدَ الْقُرْعَةِ قَطْعًا، وَكَذَا لَوْ اقْتَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ انْتَهَتْ. وَلَمْ يَذْكُرْ هُوَ وَلَا الشَّارِحُ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ الْقِسْمَةُ الَّتِي لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) كَذَا فِي نَسْخِ الشَّارِحِ بِإِثْبَاتِ لَا قَبْلَ يُجْبَرُ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ دَعْوَاهُ أَصْرَحِيَّةَ عِبَارَةِ الْأَصْلِ) صَوَابُهُ أَصْرَحِيَّةَ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَلَى عِبَارَةِ الْأَصْلِ إذْ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الْجَلَالُ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ وَنَصُّهَا: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا انْتَفَى فِيهِ الْإِجْبَارُ مِمَّا هُوَ مَحَلُّهُ، وَهُوَ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ مِمَّا فِي الْمُحَرَّرِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ الْجَلَالِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ مُرَادَهُ إذْ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي بَيَانِ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ أَصْرَحُ مِمَّا فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ أَصْرَحَ مِمَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ مَا ذَكَرَهُ هُوَ لَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَأَمَّلْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْ الْجَوَابَ عَنْ كَوْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>