للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِجَلَاجِلَ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ وَهُوَ إمَّا نَحْوُ حِلَقٍ تُجْعَلُ دَاخِلَهُ كَدُفِّ الْعَرَبِ أَوْ صُنُوجٍ عِرَاضٍ مِنْ صُفْرٍ تُجْعَلُ مِنْ خُرُوقِ دَائِرَتِهِ كَدُفِّ الْعَجَمِ، وَقَدْ جَزَمَ بِحِلِّ هَذِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، وَمُنَازَعَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ بِأَنَّهُ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ الْمَلَاهِي الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَنَقْلُهُ عَنْ جَمْعٍ حُرْمَتَهُ مَرْدُودَةٌ، وَسَوَاءُ ضَرَبَ بِهِ رَجُلٌ أَمْ أُنْثَى، وَتَخْصِيصُ الْحَلِيمِيِّ حِلَّهُ بِالنِّسَاءِ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ (وَيَحْرُمُ ضَرْبُ الْكُوبَةِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَاسْتِمَاعُهُ أَيْضًا (وَهِيَ طَبْلٌ) طَوِيلٌ (ضَيِّقُ الْوَسَطِ) وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ وَمِنْهُ أَيْضًا الْمَوْجُودُ فِي زَمَنِنَا مَا أَحَدُ طَرَفَيْهِ أَوْسَعُ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي لَا جِلْدَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ» أَيْ الْقِمَارَ " وَالْكُوبَةَ " وَلِأَنَّ فِي ضَرْبِهَا تَشْبِيهًا بِالْمُخَنَّثِينَ إذْ لَا يَعْتَادُهَا غَيْرُهُمْ، وَتَفْسِيرُهَا بِذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ فَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالنَّرْدِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ حِلُّ مَا سِوَاهَا مِنْ الطُّبُولِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْعِرَاقِيُّونَ تَحْرِيمَ الطُّبُولِ.

وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَادَّعَى أَنَّ الْمَوْجُودَ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ مَا سِوَى الدُّفِّ مِنْ الطُّبُولِ (لَا الرَّقْصُ) فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ وَاعْوِجَاجٍ وَلِإِقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَبَشَةَ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ عِيدٍ، وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ أَرْبَابَ الْأَحْوَالِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ وَإِنْ كُرِهَ لِغَيْرِهِمْ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَنْ رَوِيَّتِهِمْ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُونُوا مُكَلَّفِينَ، وَيَجِبُ طَرْدُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ مَا يُحْكَى عَنْ الصُّوفِيَّةِ مِمَّا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الشَّرْعِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ. نَعَمْ لَوْ كَثُرَ الرَّقْصُ بِحَيْثُ أَسْقَطَ الْمُرُوءَةَ حَرُمَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكَسُّرٌ كَفِعْلِ الْمُخَنَّثِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهَذَا أَشْهَرُ وَفَتْحِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ، فَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهُوَ مَنْ يَتَخَلَّقُ بِخُلُقِ النِّسَاءِ حَرَكَةً وَهَيْئَةً، وَعَلَيْهِ حَمْلُ الْأَحَادِيثِ بِلَعْنِهِ، أَمَّا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خِلْقَةً مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَلَا يَأْثَمُ بِهِ.

(وَيُبَاحُ) (قَوْلُ) أَيْ إنْشَاءُ (شِعْرٍ وَإِنْشَادُهُ) وَاسْتِمَاعُهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إلَيْهِمْ كَحَسَّانٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَاسْتَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِائَةَ بَيْتٍ» : أَيْ لِأَنَّ أَكْثَرَ شِعْرِهِ حِكَمٌ وَأَمْثَالٌ وَتَذْكِيرٌ بِالْبَعْثِ، وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَادَ أَنْ يُسْلِمَ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةٌ» وَاسْتَحَبَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْهُ مَا حَذَّرَ عَنْ مَعْصِيَةٍ أَوْ حَثَّ عَلَى طَاعَةٍ (إلَّا أَنْ يَهْجُوَ) فِي شِعْرِهِ مُعَيَّنًا فَيَحْرُمُ وَإِنْ صَدَقَ أَوْ عَرَّضَ بِهِ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ لِلْإِيذَاءِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَنَحْوَهُ، بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْمُرْتَدِّ بِهِ لَا نَحْوِ زَانٍ مُحْصَنٍ وَغَيْرِ مُتَجَاهِرٍ بِفِسْقٍ وَغَيْرِ مُبْتَدِعٍ بِبِدْعَتِهِ وَإِثْمُ حَاكِيهِ دُونَ إثْمِ مُنْشِئِهِ (أَوْ يُفْحِشُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ النَّحْوِ الْمَذْكُورِ مَا حَدَثَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ السُّرُورِ بِالْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَلْفٍ فِي رَابِعِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ فَيُضْرَبُ لَهُ بِالدُّفِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَيْضًا الْمَوْجُودُ فِي زَمَنِنَا) أَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمِنْهُ أَنَّ الْكُوبَةَ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا سُدَّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِالْجِلْدِ دُونَ الْآخَرِ بَلْ هِيَ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَمَا لَوْ سُدَّ طَرَفَاهُ مَعًا.

(قَوْلُهُ: حَلَّ مَا سِوَاهُ مِنْ الطُّبُولِ) دَخَلَ فِيهِ مَا يَضْرِبُ بِهِ الْفُقَرَاءُ وَيُسَمُّونَهُ طَبْلُ الْبَازِ وَمِثْلُهُ طَبْلَةُ الْمُسَحِّرِ فَهُمَا جَائِزَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ لِغَيْرِهِمْ) عِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ قَوْلِهِ وَإِنْ كُرِهَ إلَخْ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَتِهِ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا جَمْعٌ وَهِيَ وَاضِحَةٌ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَا يَنْتَظِمُ بِظَاهِرِهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ لَكِنْ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْصَحُ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِهِ أَفْصَحَ بَلْ فِي صِحَّتِهِ مَعَ تَفْسِيرِهِ بِالْمُتَشَبِّهِ بِالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْكَسْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي تَوْجِيهٍ الْفَتْحُ: إنَّ غَيْرَ الْفَاعِلِ يُشْبِهُ الْفَاعِلَ بِالنِّسَاءِ فَيَصِيرُ مَعْنَاهُ مُشَبَّهًا بِالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَهَيْئَةً) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَنْشَدَ) أَيْ طَلَبَ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنْ يُذَكِّرَهُ (قَوْلُهُ كَادَ أَنْ يُسْلِمَ) أَيْ أُمَيَّةُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَهْجُوَ فِي شِعْرِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ زَانٍ مُحْصَنٍ) أَيْ فَلَا يَلْحَقُ بِالْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: دُونَ إثْمِ مُنْشِئِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُذِيعُ لَهُ فَيَكُونُ إثْمُهُ أَشَدَّ اهـ حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ مُعَيَّنًا) اُنْظُرْ هَلْ مِنْهُ هَجْوُ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ: مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا) وَصْفَانِ لِ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مُبْتَدِعٍ بِبِدْعَتِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>