وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَمَوْتٍ وَإِعْسَارٍ وَوَكَالَةٍ) وَدِيعَةً ادَّعَى مَالِكُهَا غَصْبَ ذِي الْيَدِ لَهَا وَذُو الْيَدِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ إثْبَاتُ وِلَايَةِ الْحِفْظِ لَهُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ: أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ (وَوِصَايَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ رَجُلَانِ) لِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا حُجَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمُخَالِفُ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ عَلَى الرَّجُلَيْنِ وَصَحَّ بِهِ الْخَبَرُ فِي النِّكَاحِ، وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِرُجُوعِ الْوِصَايَةِ وَالْوَكَالَةِ لِلْمَالِ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُمَا إثْبَاتُ التَّصَرُّفِ لَا الْمَالِ. وَنَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَتْ طَلَاقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَطَالَبَتْهُ بِشَطْرِ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْدُ وَطَالَبَتْهُ بِالْجَمِيعِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ قُبِلَ نَحْوُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ، كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ السَّرِقَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ الْغَصْبِ وَالطَّلَاقِ، وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ (وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءُ أَوْ لَا يَرَاهُ رِجَالٌ غَالِبًا كَبَكَارَةٍ) وَثُيُوبَةٍ وَقَرْنٍ وَرَتْقٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ لِتَعَسُّرِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ وَهَذَا مُرَادُهُمَا بِقَوْلِهِمَا فِي الطَّلَاقِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ، إذْ كَثِيرًا مَا يُطْلَقُ التَّعَذُّرُ وَيُرَادُ بِهِ التَّعَسُّرُ (وَرَضَاعٍ) ذُكِرَ هُنَا لِلتَّمْثِيلِ، وَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِهِ فَلَا تَكْرَارَ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ مِنْ الثَّدْيِ، أَمَّا شُرْبُ اللَّبَنِ مِنْ إنَاءٍ فَلَا يُقْبَلْنَ فِيهِ. نَعَمْ يُقْبَلْنَ فِي أَنَّ هَذَا لَبَنُ فُلَانَةَ (وَعُيُوبٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) الَّتِي لِلنِّسَاءِ مِنْ بَرَصٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ فِي جُرْحٍ عَلَى الْفَرْجِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ لِأَنَّ جِنْسَ ذَلِكَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ) أَيْ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) وَحْدَهُنَّ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِنَّ هُنَا وَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ، وَخَرَجَ بِتَحْتِ الثِّيَابِ، وَالْمُرَادُ مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا عَيْبُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنْ الْحُرَّةِ فَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِهِ إنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَالٌ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَكَذَا فِيمَا يَبْدُو عِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ إذَا قُصِدَ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ مَثَلًا، أَمَّا إذَا قُصِدَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِيَنْكِحَ أُخْتَهَا مَثَلًا وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ رَجُلَيْنِ أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْكِحُ أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا إلَّا بِإِقَامَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَوِصَايَةٍ) وَقِرَاضٍ وَكَفَالَةٍ اهـ شَرْحٌ مَنْهَجٍ. أَقُولُ: فَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَعُلِمَ مَحَلُّهُ فَطُلِبَ مِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارُهُ وَأَدَاءُ الْمَالِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِحْضَارِ فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ فَأَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ لِطَلَبِ الْمَالِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِنَسَبٍ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ وَوِصَايَةٌ هِيَ اسْمٌ لِلتَّفْوِيضِ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يُنَفِّذُ وَصَايَاهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ السَّرِقَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّابِتَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ الْمَهْرُ دُونَ الطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ) حَيْثُ اسْتَثْنَاهُ، وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْوَدِيعَةٍ ادَّعَى مَالِكُهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ: أَيْ مِنْ الْوَدِيعِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ، أَمَّا الْمَالِكُ فَيَكْفِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَحْضَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ) هَلَّا قُبِلَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إذَا كَانَ الْمُودَعُ يُطَالِبُهُ بِبَدَلِ الْمَنَافِعِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْغَصْبِ وَالطَّلَاقِ) أَيْ وَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالنَّسَبِ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الدَّعْوَى بِالْمَالِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جِنْسَ ذَلِكَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ) هُوَ تَعْلِيلٌ مِنْ جَانِبِ الْبَغَوِيّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الدَّمِيرِيِّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ: لَا يَطَّلِعُ، بِزِيَادَةِ لَا قَبْلَ يَطَّلِعُ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي جُرْحٍ عَلَى الْفَرْجِ) هَذِهِ الْغَايَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute