وَيَحْكُمُ بِهِمَا الْقُضَاةُ (فَإِنْ جَهِلَهُمَا) أَيْ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ أَوْ أَحَدَهُمَا (لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَغَيْبَتِهِ) لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَضَرَ وَأَشَارَ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ أُحْضِرَ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ وَلَا تَغَيُّرٌ لَهُ، أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَلَا يُحْضَرْ وَإِنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ لِحُضُورِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ (وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) بِنُونٍ ثُمَّ تَاءٍ مَنْ انْتَقَبَتْ لِلْأَدَاءِ عَلَيْهَا (اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا) كَمَا لَا يَتَحَمَّلُ بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةٍ اعْتِمَادًا عَلَيْهِ لِاشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَلَا أَثَرَ لِحَائِلٍ رَقِيقٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ اعْتِمَادًا أَنَّهُ لَوْ سَمِعَهَا فَتَعَلَّقَ بِهَا إلَى قَاضٍ وَشَهِدَ عَلَيْهَا جَازَ كَالْأَعْمَى بِشَرْطِ أَنْ يَكْشِفَ نِقَابَهَا لِيَعْرِفَ الْقَاضِي صُورَتَهَا، قَالَ جَمْعٌ: وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُنْتَقِبَةٍ إلَّا إنْ عَرَفَهَا الشَّاهِدَانِ اسْمًا وَنَسَبًا أَوْ صُورَةً، أَمَّا لَوْ تَحَمَّلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ بِوَقْتِ كَذَا بِمَجْلِسِ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ هَذِهِ الْمَوْصُوفَةَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ جَازَ وَثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ أَتَعْرِفُونَ عَيْنَهَا؟ أَمْ اعْتَمَدْتُمْ صَوْتَهَا لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَشْهُورِي الدِّيَانَةِ وَالضَّبْطِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا (فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) تَحَمُّلُهُ عَلَيْهَا، وَلَا يَضُرُّ النِّقَابُ بَلْ لَا يَجُوزُ كَشْفُ الْوَجْهِ حِينَئِذٍ (وَيَشْهَدُ عِنْدَ الْأَدَاءِ بِمَا يَعْلَمُ) مِمَّا مَرَّ مِنْ اسْمٍ وَنَسَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ كَشَفَ وَجْهَهَا وَضَبَطَ حِلْيَتَهَا وَكَذَا يَكْشِفُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ (وَلَا يَجُوزُ) (التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمُنْتَقِبَةِ (بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ) (عَلَى الْأَشْهُرِ) الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، نَعَمْ إنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ فُلَانَةُ ابْنَةُ فُلَانٍ كَانَا شَاهِدَيْ أَصْلٍ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِشَرْطِهِ (وَالْعَمَلُ) مِنْ الشُّهُودِ لَا مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ (عَلَى خِلَافِهِ) وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ عَدْلٍ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ وَجَوَّزَ اعْتِمَادَ قَوْلِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ وَهِيَ بَيْنَ نِسْوَةٍ هَذِهِ أُمِّي (وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ بِحَقٍّ) أَوْ ثَبَتَ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ مَثَلًا (فَطَلَبَ الْمُدَّعِي التَّسْجِيلَ) بِذَلِكَ (سَجَّلَ) لَهُ (الْقَاضِي) جَوَازًا (بِالْحِلْيَةِ لَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) فَيَمْتَنِعُ تَسْجِيلُهُ بِهِمَا (مَا لَمْ يَثْبُتَا) عِنْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ بِهِمَا الْقُضَاةُ) أَيْ فَحُكْمُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَاطِلٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، فَلَوْ تَعَيَّنَ مُطَابَقَةُ مَا ذَكَرَهُ الشُّهُودُ لِلْوَاقِعِ كَأَنْ حَضَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدُ وَعَلِمَ أَنَّ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ مَا ذَكَرَهُ الشُّهُودُ تَبَيَّنَ صِحَّةُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ) الَّذِي فِي الْمَنْهَجِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُنْبَشُ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ نَبَشَهُ إحْضَارُهُ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ بِالْإِحْضَارِ مَا يَشْمَلُ النَّبْشَ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِحَائِلٍ رَقِيقٍ) أَيْ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْ مَعْرِفَةَ صُورَتِهَا مِنْ تَحْتِهِ بِالْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) كَأَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَالشُّهُودُ يَعْرِفُونَ أَنَّ زَوْجَتَهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ فَتَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى أَنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ زَوَّجَ شَخْصٌ بِنْتَهُ مَثَلًا بِحُضُورِهِمَا، فَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ نِكَاحَهَا بَعْدُ وَأَنْكَرَتْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِأَنَّهَا بِنْتُهُ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ مِنْ الشُّهُودِ إلَخْ) ضَعِيفٌ
[حاشية الرشيدي]
فَإِنَّهُمْ يَجِيئُونَ بِمَنْ وَاطَئُوهُ فَيُقِرُّ عِنْدَ قَاضٍ بِمَا يَرُومُونَهُ وَيَذْكُرُ اسْمَ وَنَسَبَ مَنْ يُرِيدُونَ أَخْذَ مَالِهِ فَيُسَجِّلُ الشُّهُودَ بِهِمَا وَيَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ: فَتَعَلَّقَ بِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَلُّقِ بِهَا هُنَا مُلَازَمَتُهَا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكْشِفَ نِقَابَهَا إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالشَّهَادَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ) هَلْ يُجْرَى هَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ يَجْهَلُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ الْمَارَّ (قَوْلُهُ: فَسَأَلَهُمْ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ السُّؤَالُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ بَلَغُوا الْعَدَدَ الَّذِي يَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ يَكْفِي تَعْرِيفُهُمْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ يَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ جَهْلَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) هَذَا الْبَعْضُ يَقْبَلُ قَوْلَ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ كَجَارِيَتِهَا وَلَا يَقْبَلُ الْعَدْلَيْنِ، وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ قَوْلَ نَحْوِ وَلَدِهَا يُفِيدُ الظَّنَّ أَكْثَرَ مِنْ الْعَدْلَيْنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ نَظِيرُ قَبُولِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ فِي الْوَقْتِ دُونَ الْمُؤَذِّنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute