للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ أَوْ بِعِلْمِهِ لِتَعَذُّرِ التَّسْجِيلِ عَلَى الْغَيْرِ فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَذَا وَيَذْكُرُ أَوْصَافَهُ الظَّاهِرَةَ خُصُوصًا دَقِيقَهَا، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ مُدَّعٍ وَلَا قَوْلُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنَّ نَسَبَهُ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ) حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ كَإِنْكَارِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ أَوْ طَعْنِ أَحَدٍ فِي الِانْتِسَابِ إلَيْهِ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَعْنٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِ قَائِلِهِ (عَلَى نَسَبٍ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كَائِنٍ (مِنْ أَبٍ وَقَبِيلَةٍ) كَهَذَا وَلَدُ فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ فِيهِمَا إذْ مُشَاهَدَةُ الْوِلَادَةِ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَسُومِحَ فِي ذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ بَلَدِ كَذَا الْمُسْتَحَقِّ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَهْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَكَذَا أُمٌّ) فَتُقْبَلُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى نَسَبٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَالْأَبِ وَإِنْ تَيَقَّنَ مُشَاهَدَةَ الْوِلَادَةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الْعُلُوقِ (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَالنَّسَبِ، وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَلَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ (لَا عِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَقْفٍ) أَيْ أَصْلُهُ (وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مُتَيَسِّرَةٌ وَأَسْبَابَهَا غَيْرُ مُتَعَذِّرَةٍ (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ، فَإِذَا طَالَتْ عَسُرَ إثْبَاتُ ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ. وَصُورَةُ اسْتِفَاضَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَسْتَفِيضَ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِسَبَبٍ، فَإِنْ اسْتَفَاضَ سَبَبُهُ كَالْبَيْعِ لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّسَامُعِ إلَّا الْإِرْثُ لِكَوْنِهِ يَنْشَأُ عَنْ السَّبَبِ وَالْمَوْتِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ، وَخَرَجَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ شُرُوطُهُ وَتَفَاصِيلُهُ فَلَا يَثْبُتَانِ بِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ ثُبُوتَ شَرْطٍ يَسْتَفِيضُ غَالِبًا كَكَوْنِهِ عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ، قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ حُدُودِ الْعَقَارِ فَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ أَبِي حَامِدٍ خِلَافَهُ، وَمِمَّا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وِلَايَةُ قَاضٍ وَاسْتِحْقَاقُ زَكَاةٍ وَرَضَاعٌ وَجُرْحٌ وَتَعْدِيلٌ وَإِعْسَارٌ وَرُشْدٌ وَأَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ (وَشَرْطُ التَّسَامُعِ) لِيَسْتَنِدَ لَهُ فِي الشَّهَادَةِ بِمَا ذَكَرَ (سَمَاعُهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) وَيَحْصُلُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِصِدْقِهِمْ وَهَذَا لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ حُرِّيَّةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا عَدَالَةٌ، وَقَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ هَذَا بِالتَّوَاتُرِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِهِمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِمْ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ بِضَعْفِ هَذَا لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَقَطْ، بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ فَيُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ (وَقِيلَ يَكْفِي) التَّسَامُعُ (مِنْ عَدْلَيْنِ) إذَا سَكَنَ الْقَلْبُ لِخَبَرِهِمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ عُرْفًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَشَرَطَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَازِمٌ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَحْصُلُ الظَّنُّ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ) أَيْ فَإِنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ شَمِلَ الْجَمْعَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ تُيُقِّنَ مُشَاهَدَةُ الْوِلَادَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِمُشَاهَدَةٍ وَالْوِلَادَةُ انْتَهَتْ. وَلَعَلَّ الْبَاءَ سَقَطَتْ مِنْ نَسْخِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهَا إذْ نَائِبُ فَاعِلِ تُيُقِّنَ ضَمِيرُ النَّسَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْقَبِيلَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِوَجْهِ الْمَانِعِ لَا لِجَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهَيْنِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ شَرْطُهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ عِنْدِي فِيمَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا مُطْلَقُ الْوَقْفِ فَلَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَاسْتَفَاضَ أَنَّهُ وَقَفَ وَهُوَ وَقْفٌ بَاطِلٌ. قَالَ: وَهَذَا مِمَّا لَا تُوقَفُ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَ هَذَا إنَّمَا أَرَادَ بِهِ بَيَانَ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ مِمَّا قَالَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا يُفِيدُهُ أَوْ الظَّنَّ الْقَوِيَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي قَوْلُ الشَّارِحِ فَسَقَطَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا سَكَنَ) فِي النُّسْخَةِ إذْ يَسْكُنُ وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ فَلْيُتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>