للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَلَوْ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ شُغْلًا خَفِيفًا أَوْ أَتَى بِكَلَامٍ قَصِيرٍ أَوْ أَخْرَجَ حَدَثًا يُدَافِعُهُ أَوْ حَصَلَ مَاءٌ وَنَحْوُهُ لَمْ يَمْنَعْهَا أَيْضًا (وَفِي قَوْلٍ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ) مَا لَمْ يُجَاوِزْ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لِلْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي أُجِيبَ عَنْهَا، وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُ التَّعْجِيلِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ التَّعْجِيلِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ، فَإِنْ عَارَضَهُ وَذَلِكَ فِي نَحْوِ أَرْبَعِينَ صُورَةً فَلَا يَكُونُ مَطْلُوبًا: مِنْهَا نَدْبُ التَّأْخِيرِ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ آخِرَ الْوَقْتِ.

نَعَمْ الْأَفْضَلُ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْ يُصَلِّيَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ فِي الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ، وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ، وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَهَا.

وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَةُ فِعْلِهِ وَلَوْ أُخِّرَ فَاتَتْ يُقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَأَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ أَفْضَلَ.

وَقَدْ أَشَارَ لِبَعْضِ الصُّوَرِ بِقَوْلِهِ (وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَإِنْ انْتَظَرَ كُرِهَ. وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا اشْتَغَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْ بِحَيْثُ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ عَادَتِهِ أَقَامَ الصَّلَاةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً وَابْنُ عَوْفٍ أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَطُلْ تَأَخُّرُهُ بَلْ أَدْرَكَ صَلَاتَيْهِمَا وَاقْتَدَى بِهِمَا وَصَوَّبَ فِعْلَهُمَا.

نَعَمْ يَأْتِي فِي تَأَخُّرِ الرَّوَاتِبِ تَفْصِيلٌ لَا يُنَافِيهِ هَذَا لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِرْصِ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ اهـ.

وَقَدْ يُشْكِلُ قَوْلُهُ إنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَثِيرَةِ آخِرَهُ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ كَالرَّمْلِيِّ إنَّ كُلَّ كَمَالٍ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ أَفْضَلَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُرَادَهُ بِالْكَمَالِ السُّنَّةُ الَّتِي تَحْصُلُ مَعَ التَّأْخِيرِ وَتَفُوتُ مِنْ أَصْلِهَا بِالتَّقْدِيمِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حَاصِلَةٌ مَعَ كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَإِنْ فَاتَ بِتَقْدِيمِهَا صِفَةُ كَمَالٍ فِيهَا.

وَيُعَارِضُهُ مَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَصَدَ الصَّلَاةَ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ بَعِيدٍ لِنَحْوِ كِبَرِهِ أَوْ فِقْهِ إمَامِهِ نُدِبَ لَهُ الْإِبْرَادُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِي قَرِيبٍ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ فَوْتُ عَرَفَةَ وَانْفِجَارُ الْمَيِّتِ فَهَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الثَّانِي لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي الْجَمَاعَةِ) وَمِثْلُهَا السُّتْرَةُ وَالْمَاءُ فَيُعِيدُ إذَا وَجَدَهَا فِي الْوَقْتِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا، وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْمُعَادَةِ عَلَى جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: إذَا رَجَا) أَمَّا إذَا تَحَقَّقَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَهَلْ الْجَرِيحُ الْمُتَيَمِّمُ عَنْ الْجِرَاحَةِ إذَا تَحَقَّقَ الْبُرْءُ آخِرَ الْوَقْتِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ لِيُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ الْكَامِلِ أَوْ يَكُونُ أَوْلَى لَهُ فَقَطْ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا لَوْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ دَائِمَ الْحَدَثِ يُصَلِّي مَعَ الْحَدَثِ، فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ دُونَ الْمُتَيَمِّمِ عَنْ الْجِرَاحَةِ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ) زَادَ حَجّ: لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا يَأْتِي فِي الْإِبْرَادِ مَعَهُ اهـ.

وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ: نَعَمْ الْأَفْضَلُ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ.

وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ التَّعْجِيلِ إلَخْ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ.

أَمَّا هِيَ فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى فِيهَا زَوَالُ الْحَرِّ فِي وَقْتٍ يَذْهَبُ فِيهِ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مُعَلِّلًا بِانْتِفَاءِ الظِّلِّ اهـ. أَقُولُ: وَأَمَّا الْبَوَادِي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا حِيطَانٌ يَمْشِي فِيهَا طَالِبُ الْجَمَاعَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ سَنُّ الْإِبْرَادِ فِيهَا لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ يَنْكَسِرُ سَوْرَةُ الْحَرِّ وَقَدْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>