هُجِرَ لَفْظُهُ دُونَ حَقِيقَتِهِ كَمَا لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ: أَيْ قَبِيلَةٌ أَوْ قَمِيصٌ: أَيْ غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ: أَيْ رُجُوعٌ وَهُوَ هُنَا اعْتِقَادٌ خِلَافَ ظَاهِرِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ وَاسْتِشْكَالُ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي، إذْ لَا يُقَالُ: أَتْلَفْت كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ وَخَرَجَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ مَا لَوْ سَمِعَهُ فَيَعْذِرُهُ وَيُعِيدُ الْيَمِينَ وَلَوْ وَصَلَ بِهَا كَلَامًا لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي مَنَعَهُ وَأَعَادَهَا.
وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى أَوْ النُّكُولِ أَنَّهُ كُلُّ (مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) أَيْ دَعْوَى صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، أَوْ الْمُرَادُ طُلِبَتْ مِنْهُ يَمِينٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى كَطَلَبِ قَاذِفٍ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ عَيْنُ الْمَقْذُوفِ أَوْ وُرَّاثِهِ أَنَّهُ مَا زَنَى وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَتُهُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ فَزَعْمُ أَنَّهَا سَبْقُ قَلَمٍ غَيْرُ صَحِيحٍ وَ (لَوْ) (أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا) أَيْ الْيَمِينِ أَوْ الدَّعْوَى لِأَنَّ مُؤَادَهُمَا وَاحِدٌ (لَزِمَهُ) وَحِينَئِذٍ فَإِذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَلِكَ (فَأَنْكَرَهُ حَلَفَ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ.
وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْهَا لَا مَعْنَى لَهُ.
وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ، بَلْ إنْ ادَّعَتْ فُرْقَةً حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شُفْعَةً فَقَالَ: إنَّمَا اشْتَرَيْت لِابْنِي لَمْ يَحْلِفْ.
وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَادَّعَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ دَيْنَهُ لَمْ يَحْلِفُوا، أَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ لَمْ يَحْلِفْ، وَمَرَّ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ فِيهَا يَمِينٌ أَصْلًا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينَهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْعَزَلَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُ الِابْنِ بِإِقْرَارِ أَبِيهِ أَوْ عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ مَجْنُونَةً فَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ قُبِلَ أَوْ الْإِمَامُ عَلَى السَّاعِي أَنَّهُ قَبَضَ زَكَاةً فَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ أَيْضًا.
وَلَوْ ثَبَتَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَادَّعَى عَلَى خَالِدٍ أَنَّ هَذَا الَّذِي بِيَدِك لِعَمْرٍو فَقَالَ: بَلْ لِي لَمْ يَحْلِفْ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ الْيَمِينَ عَلَى زَيْدٍ فَيَحْلِفُ فَيُفْضَى لِمَحْذُورٍ وَهُوَ إثْبَاتُ مِلْكٍ لِشَخْصٍ بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَصَدَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ أَقَرَّ خَالِدٌ بِأَنَّ الثَّوْبَ لِعَمْرٍو بِيعَ فِي الدَّيْنِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى مَيِّتٍ فَأَثْبَتَهُ وَحَكَمَ لَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ بِمَحْضَرٍ يَتَضَمَّنُ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَهُ لِيَبِيعَهُ فِي دَيْنِهِ وَلَمْ يُوَكِّلْهُ الْوَارِثُ فِي إثْبَاتِهِ فَالْأَحْسَنُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ انْتَهَى وَمَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَرِيمِهِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ لَا يُخَالِفُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَيْ قَبِيلَةٌ) فِي نُسْخَةٍ صِلَةٌ وَعِبَارَةُ حَجّ دِرْهَمٌ: أَيْ قَبِيلَةٌ، كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ إطْلَاقُهُ عَلَى الْحَدِيقَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبِيلَةَ وَهُوَ الْأَنْسَبُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَاسْتِشْكَالُ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اسْتَثْنَى
(قَوْلُهُ: لَمْ يُحَلِّفْهُ) أَيْ لَمْ يُحَلِّفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِيَ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْهَا: أَيْ الدَّعْوَى
(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ وَيُؤْخَذُ الشِّقْصُ مِنْ الِابْنِ بِمَا اشْتَرَى بِهِ لَهُ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْلِفُوا) أَيْ بَلْ يَطْلُبُ مِنْهُ إثْبَاتَ الدَّيْنِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ زَاحَمَهُمْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ لَمْ يَحْلِفْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إثْبَاتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ بِتَقْدِيرِ إقْرَارِهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُعْتَقُ بِالْمَوْتِ، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا فَادَّعَتْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَحْلِيفُهُ لِأَنَّ بَيْعَهَا قَدْ يُفَوِّتُ عِتْقَهَا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ تَنْظِيرُ الشَّيْخِ وَهَذَا التَّأْيِيدُ مُعْتَمَدٌ.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَ بِمَحْضَرٍ: أَيْ حُجَّةٍ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: خِلَافُ ظَاهِرِهِ) أَيْ اللَّفْظِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى) قَصْدُهُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى مِنْ مَدْخُولِ الضَّابِطِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ يُؤَيِّدُ النَّظَرَ
(قَوْلُهُ: بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ) شَمَلَ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ، لَكِنَّ الشَّارِعَ حَمَلَهُ عَلَى الْعَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ: أَيْ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ لَيْسَ إلَّا فِي الْعَيْنِ، وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ ذَلِكَ بَلْ الَّذِي مَرَّ لَهُ فِي شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنَّهُ