للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَخَرَجَ بِلَوْ أَقَرَّ إلَى آخِرِهِ نَائِبُ الْمَالِكِ كَوَصِيٍّ وَوَكِيلٍ فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. نَعَمْ لَوْ جَرَى عَقْدٌ بَيْنَ وَكِيلَيْنِ تَحَالَفَا كَمَا مَرَّ وَهَذَا مُسْتَثْنًى أَيْضًا، وَكَالْوَصِيِّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ فَالدَّعْوَى عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ إنَّمَا هِيَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ إذْ إقْرَارُهُمْ لَا يُقْبَلُ وَلَا يَحْلِفُونَ إنْ أَنْكَرُوا وَلَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا.

وَلَوْ أَوْصَتْ غَيْرَ زَوْجِهَا فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالزَّوْجِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْمَعُ غَالِبًا عَلَى مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلُ، وَهَذَا لَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْتَقًا أَوْ ابْنَ عَمٍّ وَآخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ وَكَالَةَ مُدَّعٍ لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ لَهُ طَلَبَ إثْبَاتِهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا.

(وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ الظُّلْمَ فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدَ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّا بِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَنْفَعُ الْمُدَّعِيَ، وَعَدَلَ عَنْ تَصْرِيحِ أَصْلِهِ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِخُرُوجِ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَيْنِ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِمَا الدَّعْوَى بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ.

(وَلَوْ) (قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ: أَنَا صَبِيٌّ) وَالْوَقْتُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ (لَمْ يَحْلِفْ) لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ صِبَاهُ وَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ (وَوُقِّفَ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَبْلُغَ) ثُمَّ يُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ، وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الضَّابِطِ، نَعَمْ لَوْ سُبِيَ كَافِرٌ فَأَنْبَتَ فَادَّعَى اسْتِعْجَالَ الْإِنْبَاتِ بِدَوَاءٍ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ.

(وَالْيَمِينُ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا بَرَاءَةَ) مِنْ الْحَقِّ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ حَالِفًا بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ» أَيْ كَأَنَّهُ عَلِمَ كَذِبَهُ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (فَلَوْ) (حَلَّفَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ أَوْ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ (حُكِمَ بِهَا) وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً، وَالْحَصْرُ فِي خَبَرِ «شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَك إلَّا ذَلِكَ» إنَّمَا هُوَ حَصْرٌ لِحَقِّهِ فِي النَّوْعَيْنِ: أَيْ لَا ثَالِثَ لَهُمَا. وَأَمَّا مَنْعُ جَمْعِهِمَا فَلَا دَلَالَةَ لِلْخَبَرِ عَلَيْهِ، وَقَدْ لَا تُفِيدُهُ الْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ أَجَابَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا تُفِيدُ الْمُدَّعِيَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ لِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَلَوْ اشْتَمَلَتْ الدَّعْوَى عَلَى حُقُوقٍ فَلَهُ التَّحْلِيفُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لَا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا يَمِينًا مُسْتَقِلَّةً مَا لَمْ يُفَرِّقْهَا فِي دَعَاوَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يُكَلَّفُ جَمْعَهَا فِي دَعْوَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ) أَيْ بِأَنَّ الْعَيْنَ انْحَصَرَ حَقُّهُ فِيهَا وَلَا تَشْتَبِهُ بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمْ) كَالْوَدِيعِ وَالْقَيِّمِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَتْ) أَيْ وَمَاتَتْ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى) أَيْ شَخْصٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا) أَيْ لِيَرِثَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَصِيُّ أَوْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّسَبَ) إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: أَيْ الْمُدَّعِي لِلنَّسَبِ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ فِي زَعْمِهِ وَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّسَبِ لَا أَثَرَ لَهُ

(قَوْلُهُ: لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنْ ذَلِكَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ فِي التَّوْرِيَةِ يَحْلِفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ إلَخْ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مَعْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِشَيْءٍ لِلْغَرِيمِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، وَحُمِلَ كَلَامُ السُّبْكِيّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ، وَمَرَّ فِي هَامِشِهِ أَنَّ ابْنَ قَاسِمٍ ذَكَرَ أَنَّهُ بَحَثَ مَعَهُ فِي الْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَبَالَغَ فِي إنْكَارِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى أَيْضًا) أَيْ مِنْ الْمَفْهُومِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَنْطُوقِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّ انْتَفَعَ الْمُدَّعِي بِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ) أَيْ وَالْوَاقِعُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ لَيْسَ مَقْصُودَ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْبُلُوغِ بَلْ بِشَيْءٍ آخَرَ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْمَقْصُودُ عَلَى الْبُلُوغِ

<<  <  ج: ص:  >  >>