وَاحِدَةٍ.
وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ قَالَ: هِيَ مُبْطَلَةٌ أَوْ كَاذِبَةٌ سَقَطَ تَمَسُّكُهُ بِهَا لَا أَصْلُ الدَّعْوَى (وَلَوْ) (قَالَ) : مَنْ تَوَجَّهَتْ لَهُ يَمِينٌ أَبْرَأْتُك عَنْهَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الدَّعْوَى فَقَطْ فَلَهُ اسْتِئْنَافُ دَعْوَى وَتَحْلِيفُهُ. .
وَإِنْ قَالَ (الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الَّذِي طَلَبَ تَحْلِيفَهُ: (قَدْ حَلَّفَنِي مَرَّةً) عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ أَطْلَقَ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهَا (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيُرِيدُ إقَامَتَهَا فَيُمْهَلُ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَا يُجَابُ الْمُدَّعِي لَوْ قَالَ قَدْ: حَلَّفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ فَلْيَحْلِفْ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ، وَهَكَذَا فَيَدُورُ الْأَمْرُ، هَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَ: قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ، فَإِنْ قَالَ: عِنْدَك أَيُّهَا الْقَاضِي فَإِنْ حَفِظَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَمَنَعَ الْمُدَّعِيَ مِمَّا طَلَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ حَلَّفَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ، وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي: قَدْ حَلَّفْت أَبِي أَوْ بَائِعِي عَلَى هَذَا مُكِّنَ مِنْ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مُقِرٍّ لَهُ بِدَارٍ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَقَالَ: هِيَ مِلْكِي لَا مِلْكُ الْمُقِرِّ لَك فَقَالَ: قَدْ حَلَّفْتُهُ فَاحْلِفْ أَنَّك لَمْ تُحَلِّفْهُ فَيُمَكَّنُ مِنْ تَحْلِيفِهِ.
(وَإِذَا) (أَنْكَرَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ فَأُمِرَ بِالْحَلِفِ فَامْتَنَعَ (وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمُدَّعِي) بَعْدَ أَمْرِ الْقَاضِي لَهُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ إنْ كَانَ مُدَّعِيًا عَنْ نَفْسِهِ لِتَحَوُّلِ الْيَمِينِ إلَيْهِ (وَقَضَى لَهُ) بِالْمُدَّعَى بِهِ: أَيْ مُكِّنَ مِنْهُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْيَمِينِ إلَى الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ (وَلَا يَقْضِي) لَهُ (بِنُكُولِهِ) أَيْ الْخَصْمِ وَحْدَهُ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ مِنْ الْقَضَاءِ بِهِ وَحْدَهُ رُدَّ بِنَقْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي مُوَطَّئِهِ الْإِجْمَاعَ قَبْلَهُمَا عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِمَا، وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ. .
(وَالنُّكُولُ) يَحْصُلُ بِأُمُورٍ مِنْهَا (أَنْ يَقُولَ) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ: (أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ فَيَقُولَ: لَا أَحْلِفُ) لِصَرَاحَتِهِمَا فِيهِ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَبَ الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ وَلَمْ يَرْضَ الْمُدَّعِي لَمْ يَجِبْ كَمَا اعْتَمَدَهُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ جَمْعٌ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارَ الْحُكْمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: سَقَطَ تَمَسُّكُهُ بِهَا) أَيْ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَعُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ التَّحْلِيفِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ الشَّخْصُ
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُدَّعِيًا عَنْ نَفْسِهِ) قُيِّدَ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ دَيْنًا لَهُ عَلَى آخَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعَ قَبْلَهُمَا) أَيْ الْإِجْمَاعَ الْكَائِنَ قَبْلَهُمَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا، وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ (قَوْلُهُ: رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ) أَيْ وَقَضَى لَهُ بِهِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِالنُّكُولِ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَبَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ) أَيْ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالنُّكُولِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيُرِيدُ إقَامَتَهَا) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا مِلْكُ الْمُقِرِّ لَك) لَعَلَّ الْوَجْهَ لَا مِلْكُك لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ الْحَقِّ السَّابِقِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِدَارٍ فِي يَدِهِ لِإِنْسَانٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى بِهَا عَلَى الْمَقَرِّ لَهُ فَأَجَابَهُ بِأَنَّك حَلَّفْت الَّذِي أَقَرَّ لِي بِهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ قَالَ: وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تُسْمَعُ، وَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمَقَرِّ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ حَلَّفَهُ، هَذَا إذَا ادَّعَى مُفَسِّرًا بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي مُنْذُ كَذَا وَلَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِمَنْ تُلُقِّيَتْ مِنْهُ، فَأَمَّا إذَا ادَّعَى مُطْلَقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك حَلَّفْت مَنْ تَلَقَّيْت الْمِلْكَ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ الدَّارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا مِمَّنْ تَلْقَى الْمِلْكَ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ كَمَا اعْتَمَدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمَا هُنَا لَمْ يَجِبْ مَا إذَا وَجَّهَ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ. فَقَوْلُهُ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ هُنَا فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مُرَادُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْحُكْمِ بِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا حَاصِلُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالسُّكُوتُ الْآتِي فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا، وَالشَّارِحُ أَسْقَطَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ تَبَعًا لَهُ فِيمَا