للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ، وَمِنْ النُّكُولِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: قُلْ بِاَللَّهِ فَيَقُولُ بِالرَّحْمَنِ كَمَا أَطْلَقُوهُ. نَعَمْ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَنْ تُوُسِّمَ فِيهِ الْجَهْلُ بِإِصْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ امْتِثَالِ أَمْرِ الْحَاكِمِ، وَكَلَامُهُمْ هُنَا صَرِيحٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْحَلِفِ بِالرَّحْمَنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: قُلْ بِاَللَّهِ: فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوْ تَاللَّهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ نَاكِلٍ كَعَكْسِهِ لِوُجُودِ الِاسْمِ، وَالتَّفَاوُتُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ الصِّلَةِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّغْلِيظِ فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ كَانَ نَاكِلًا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (فَإِنْ) (سَكَتَ) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لَا لِنَحْوِ دَهْشَةِ (حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: جَعَلْتُك نَاكِلًا أَوْ نَكَّلْتُك بِالتَّشْدِيدِ لِامْتِنَاعِهِ، وَلَا يَصِيرُ هُنَا نَاكِلًا مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ صَرِيحَ نُكُولٍ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَعْرِضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَهُوَ فِي السَّاكِتِ آكَدُ، وَلَوْ تُوُسِّمَ مِنْهُ جَهْلُ حُكْمِ النُّكُولِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّ نُكُولَك يُوجِبُ حَلِفَ الْمُدَّعِي وَأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُك بَعْدَهُ بِإِبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ نَفَذَ إذْ هُوَ الْمُقَصِّرُ بِعَدَمِ تَعَلُّمِهِ حُكْمَ النُّكُولِ (وَقَوْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي (لِلْمُدَّعِي) بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ سُكُوتِهِ: (احْلِفْ) وَإِقْبَالُهُ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: احْلِفْ (حُكْمٌ) مِنْهُ (بِنُكُولِهِ) أَيْ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ حُكْمِهِ بِهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمُدَّعِي، وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ لِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَ قَدْ هَرَبَ وَعَادَ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَإِلَّا لَمْ يَعُدْ لَهُ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي الْحَلِفُ فِي يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ لِتَقْصِيرِهِ بِرِضَاهُ بِحَلِفِهِ، وَلَوْ هَرَبَ الْخَصْمُ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَبْلَ عَرْضِ الْحَاكِمِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي امْتَنَعَ عَلَى الْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَلَهُ طَلَبُ حَلِفِ غَرِيمِهِ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ نَكَلَ فِي جَوَابِ وَكِيلِ الْمُدَّعِي ثُمَّ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ دَعْوَى.

(وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُدَّعِي (فِي قَوْلٍ) أَنَّهَا (كَبَيِّنَةٍ) يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي (وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ بِنُكُولِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ لِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ تُوُسِّمَ فِيهِ) أَيْ ظَهَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ ظَاهِرٌ مِنْ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ طَلَبِ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي السَّاكِتِ) أَيْ الْعَرْضُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى السَّاكِتِ آكَدُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ نَفَذَ) أَيْ وَأَثِمَ بِعَدَمِ تَعْلِيمِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ رُبَّمَا تَقَرَّرَ عِلْمُ إلَخْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ أَسْقَطَ هَذَا قَصْدًا هُنَا لِاعْتِمَادِهِ إطْلَاقَ الشَّيْخَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ الْحُكْمِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ هَرَبَ الْخَصْمُ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ قَبْلَ عَرْضِ الْحَاكِمِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ، لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ حَجَرٍ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدُ امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي قَوْلِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) اُنْظُرْ هَلْ الْحَلِفُ بِغَيْرِ الرَّحْمَنِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي السَّاكِتِ آكَدُ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَصْرِيحِهِ بِالنُّكُولِ (قَوْلُهُ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الِامْتِنَاعَ صَرِيحُ نُكُولٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ تَبِعَ فِي هَذَا أَيْضًا ابْنَ حَجَرٍ وَلَمْ يُقَدِّمْ هُوَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ بَعْدَ رِضَا الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: الْحَلِفُ فِي يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ وَإِلَّا فَمَا قَدَّمَهُ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ النُّكُولُ خِلَافُهُ، وَهَذَا التَّبَرُّؤُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ قَصْدًا لِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ إيَّاهُ وَإِنْ تَبِعَهُ فِيمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ انْتَهَتْ، فَالضَّمِيرُ فِي فَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>