للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقْرَارَهُ، وَعَلَيْهِ يَجِبُ الْحَقُّ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ (فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بَعْدَهَا (بَيِّنَةً) أَوْ حُجَّةً أُخْرَى (بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ الْمُسْقِطَاتِ (لَمْ تُسْمَعْ) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، وَإِنْ نَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِسَمَاعِهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا، قَالَ: وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ، وَمَا ذَكَرَاهُ بَعْدَ هَذَا فِي أَثْنَاءِ الرُّكْنِ الْخَامِسِ مِنْ سَمَاعِهَا وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ.

(فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتَعَلَّلْ بِشَيْءٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) لِإِعْرَاضِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، إذْ لَوْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ لَأَضَرَّهُ وَلَرَفَعَهُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى قَاضٍ (وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي وَإِلَّا لَمْ يُحْتَجْ لِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَقْبَضْتُك إيَّاهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَإِنَّهُ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ، وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا أُلْزِمَ بِالْأَلْفِ لَا لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ بَلْ لِإِقْرَارِهِ بِلُزُومِ الْمَالِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ: وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ: فَاعْتَدِّي فَقَالَتْ: بَلْ بَعْدَهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَلَا عِدَّةَ وَإِنْ نَكَلَتْ أَيْضًا اعْتَدَّتْ لَا لِلنُّكُولِ بَلْ لِأَصْلِ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَآثَارِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ (وَإِنْ) (تَعَلَّلَ) الْمُدَّعِي (بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُرَاجَعَةِ حِسَابٍ) أَوْ اسْتِفْتَاءٍ أَوْ تَرَوٍّ (أُمْهِلَ) حَتْمًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَقَطْ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ مُضِيِّهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَقِيلَ أَبَدًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهَا كَالْبَيِّنَةِ.

(وَإِنْ) (اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ اُسْتُحْلِفَ لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ) أَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ وَأَطْلَقَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَمْ يُمْهَلْ) إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ، بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ (وَقِيلَ) : يُمْهَلُ (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ لِلْحَاجَةِ، خَرَجَ بِيَنْظُرُ حِسَابَهُ مَا لَوْ اسْتَمْهَلَ لِإِقَامَةِ حُجَّةٍ بِنَحْوِ أَدَاءً فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ اسْتَمْهَلَ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ) لِنَظَرِ حِسَابٍ أَوْ مُرَاجَعَةِ عَالِمٍ (أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) إنْ شَاءَ الْقَاضِي كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ إذْ لِلْمُدَّعِي تَرْكُ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا. وَيَنْبَغِي عَلَى الْأَوَّلِ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمْهَالُ بِالْمُدَّعِي لِكَوْنِ بَيِّنَتِهِ عَلَى جُنَاحِ سَفَرٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلَهُ لَا لِلنُّكُولِ) أَيْ لَيْسَ عَدَمُ الْعِدَّةِ لِلنُّكُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَلَّلَ الْمُدَّعِي بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) أَقُولُ: فِيهِ إنَّهُ طَلَّقَ وَالطَّلَاقُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ لَهَا، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْتِيَ فِي وُجُوبِهَا مَا فِي الرَّجْعَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَرَاجِعْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَصْوَبُ

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ الْمُطَالَبَةَ، فَإِنْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُ دَفْعَ الْخَصْمِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هُنَا دَعْوَتَيْنِ الْأُولَى مِنْ الْبَائِعِ وَهِيَ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهِيَ دَعْوَى الْإِقْبَاضِ. فَإِلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِالْأَلْفِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بِالنِّسْبَةِ لِدَعْوَاهُ فَلَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ خَصْمُهُ، إذْ مَقْصُودُ دَعْوَاهُ دَفْعُ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَمَحَلُّهُ إلَخْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي إمْهَالَهُ وَإِلَّا لَمْ يُمْهِلْ، قَالَ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَرُدُّهُ أَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ جِدًّا وَفِيهَا مَصْلَحَةٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَمْ يَحْتَجْ لِرِضَاهُ اهـ. لَكِنْ نَازَعَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِيمَا ذَكَرَهُ. قُلْت: وَمِمَّا يَرُدُّ كَوْنَ الْمُرَادِ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>