وَتَقْيِيدُ الْبُلْقِينِيِّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَقُلْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلِمْنَا تَنَصُّرَهُ حَالَةَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَلَمْ تَسْتَصْحِبْ فَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ وَإِلَّا لَزِمَ الْحُكْمُ بِرِدَّتِهِ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْأَوْجَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ التَّعَارُضُ فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ.
(فَلَوْ) (اتَّفَقَا) أَيْ الِابْنَانِ (عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ: مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ) : مَاتَ (فِي شَوَّالٍ) (صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ) إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ الْحَيَاةَ إلَى شَوَّالٍ، نَعَمْ إنْ قَالَتْ: رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا كَمَا قَالَاهُ فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ كَمَا مَرَّ لِأَصْلِ بَقَائِهِ عَلَى دِينِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مَا لَمْ تَقُلْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَايَنَّا الْأَبَ مَيِّتًا قَبْلَ إسْلَامِهِ فَيَتَعَارَضَانِ،.
وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ وَأَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ فَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَالِ فَلَمَّا كَمُلَ ادَّعَى بِمَالِ أَبِيهِ وَبِإِرْثِ أَبِيهِ مِنْ جَدِّهِ فَقَالُوا: مَاتَ أَبُوك فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَإِنْ اتَّفَقَ هُوَ وَهُمْ عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَ فِي أَنَّ الْآخَرَ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَلَفَ مَنْ قَالَ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْحَيَاةِ وَإِلَّا صُدِّقَ فِي مَالِ أَبِيهِ وَهُمْ فِي مَالِ أَبِيهِمْ فَلَا يَرِثُ الْجَدُّ مِنْ ابْنِهِ وَعَكْسُهُ، فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ مَالُ أَبِيهِ لَهُ وَمَالُ الْجَدِّ لَهُمْ.
(وَلَوْ) (مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ) بَالِغَيْنِ (فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (مَاتَ عَلَى دِينِنَا) (صُدِّقَ الْأَبَوَانِ بِالْيَمِينِ) لِأَنَّ الْوَلَدَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ فِي الِابْتِدَاءِ تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَهُ (وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا) لِتَسَاوِي الْحَالَيْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ لِأَنَّا إنَّمَا نَحْكُمُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي صِغَرِهِ فَأَمَّا إذَا بَلَغَ فَلَا قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَهَذَا أَرْجَحُ دَلِيلًا، لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ. أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ عُرِفَ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا: أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا وَأَنْكَرَ الِابْنَانِ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الِابْنَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الصِّبَا.
وَلَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا لَحْمُ مُذَكَّاةٍ أَوْ لَحْمُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: تَعَارَضَتَا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ فِي شَوَّالٍ وَأُخْرَى فِي شَعْبَانَ حَيْثُ ذُكِرَ ثُمَّ فِي نَظِيرِهَا أَنَّهُ تُقَدَّمُ الْمُؤَرِّخَةُ بِشَوَّالٍ حَيْثُ قَالَتْ عَلِمْنَاهُ حِينَئِذٍ حَيًّا
(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ) أَيْ الْأَمْرُ (قَوْلُهُ: فِي الثَّالِثَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَالَتْ رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا إلَخْ) تَقَدَّمَ لَهُ اعْتِمَادُ تَقْدِيمِ الشَّهَادَةِ بِالْمَوْتِ فِي شَوَّالٍ حِينَئِذٍ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ نِسْبَةُ اعْتِمَادِهِ لِلشَّارِحِ مَا هُنَا إذْ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ مَا هُنَا أَصْلًا، وَقَاسَ عَلَيْهِ مَا اسْتَوْجَهَهُ قَرِيبًا رَدَّا عَلَى الْبُلْقِينِيِّ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَلِقَاعِدَةِ الْعَمَلِ بِآخِرِ قَوْلَيْ الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ ذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ مَا يُشْعِرُ بِاعْتِمَادِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُطْبَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ هُنَاكَ، عَلَى أَنَّ مَا اعْتَمَدَهُ فِيمَا مَرَّ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُسْتَنَدٌ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ اعْتَرَضَ الْأَصْحَابَ فِي إطْلَاقِ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ بِأَنَّ بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ تُثْبِتُ الْحَيَاةَ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ عَلَى الْمَوْتِ فِي شَوَّالٍ، وَالْمَوْتُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَيَاةٍ وَالْحَيَاةُ صِفَةٌ ثَابِتَةٌ يُشْهَدُ عَلَيْهَا كَالْمَوْتِ، قَالَ: فَلْيَحْكُمْ بِتَعَارُضِهِمَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْوَجْهُ أَنْ تُرَاعَى كَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْبَيِّنَةُ فَتُرَجَّحُ الَّتِي تُنْقَلُ، وَإِنْ شَهِدْت بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ بِأَنَّهُمْ عَايَنُوهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا، فَمَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ لَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ وَلَا تَفْصِيلَ الشَّيْخَيْنِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مُرَجِّحٌ آخَرُ لِلتَّعَارُضِ وَهُوَ مُوَافَقَةُ الشَّيْخَيْنِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) أَيْ فِي الْأُولَى، وَقَوْلُهُ