للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَالٍ وَعَكَسَتْ أُخْرَى قُدِّمَتْ الْأُولَى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِلَحْمٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَقَالَ هُوَ مُذَكًّى وَقَالَ الْمُسْلِمُ: هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ فَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ لِأَنَّ اللَّحْمَ فِي الْحَيَاةِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى تُعْلَمَ ذَكَاتُهُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْأُولَى نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَقُدِّمَتْ، وَيُتَّجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّعَارُضُ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِالْإِفْضَاءِ وَأُخْرَى بِعَدَمِهِ وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِئَامُ وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ الْأُولَى لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالنَّقْلِ عَنْ الْأَصْلِ لِأَنَّ الشَّاهِدَةَ بِعَدَمِهِ مُعَارِضَةٌ لِمُثْبِتِهِ فَالْعَمَلُ بَعْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِفْضَاءِ.

(وَلَوْ) (شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ) أَيْ الَّذِي مَاتَ فِيهِ (سَالِمًا وَأُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ فِيهِ (غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَ مَالِهِ) وَلَمْ تَجُزْ الْوَرَثَةُ (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَإِنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقٍ وَتَنْجِيزٍ كَإِنْ أَعْتَقْتُ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ سَالِمًا فَيُعْتَقُ غَانِمٌ مَعَهُ بِنَاءً عَلَى تَقَارُنِ الشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ تَعَيَّنَ السَّابِقُ بِلَا إقْرَاعٍ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى وَالْمُقَدَّمُ فِي الرُّتْبَةِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ أَطْلَقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ: يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ: يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ قُلْت: الْمَذْهَبُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاسْتِوَائِهِمَا وَالْقُرْعَةُ مُمْتَنِعَةٌ إذْ لَوْ أَقْرَعْنَا لَمْ نَأْمَنْ خُرُوجَ الرِّقِّ عَلَى السَّابِقِ مَعَ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ فَيَلْزَمُهُ إرْقَاقُ حُرٍّ وَتَحْرِيرُ رَقِيقٍ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ الْعَدْلُ، وَلَا نَظَرَ لِلُزُومِ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْهُ فِي الْكُلِّ.

(وَلَوْ) (شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقٍ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ مَالِهِ (وَوَارِثَانِ) (حَائِزَانِ) أَوْ غَيْرُ حَائِزَيْنِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِمَا لِمَا بَعْدَهُ (أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقٍ غَانِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ ثَبَتَتْ) الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ (لِغَانِمٍ) لِأَنَّهُمَا أُثْبِتَا لِلرُّجُوعِ عَنْهُ بَدَلًا مُسَاوِيًا فَلَا تُهْمَةَ وَكَوْنُ الثَّانِي أَهْدَى لِجَمْعٍ الْمَالَ الَّذِي يَرِثُونَهُ بِالْوَلَاءِ بَعِيدٌ فَلَمْ يَقْدَحْ تُهْمَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ دُونَ ثُلُثِهِ فَلَا يُقْبَلَانِ فِيمَا لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا لِلتُّهْمَةِ، وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ مَرَّ (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ) الْحَائِزَانِ (فَاسِقَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ) لِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ (فَيُعْتَقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لِأَنَّ الثُّلُثَ يَحْتَمِلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ فِيهِ (وَ) يُعْتَقُ (مِنْ غَانِمٍ) قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ (ثُلُثُ) الْبَاقِي مِنْ (مَالِهِ بَعْدَ سَالِمٍ) وَهُوَ ثُلُثَاهُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَانَ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ مُؤَاخَذَةً لِلْوَرَثَةِ بِإِقْرَارِهِمْ أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزَيْنِ فَيُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا. .

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّاهِدَةَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيُتَّجَهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: تَعَيُّنُ السَّابِقِ) وَإِنَّمَا قُدِّمَا وَقَعَا مَعًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقُوَّةِ الْمُنْجَزِ فِي الرُّتْبَةِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ مَا لَوْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْتِقَانِ أَحَدَهُمَا بِالتَّنْجِيزِ وَالْآخَرَ بِالتَّعْلِيقِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَالْأَصْلُ: أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّعْلِيلِ لَهَا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِئَامُ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ مَضَى بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِئَامُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ فَالشَّاهِدَةُ بِالْإِفْضَاءِ كَاذِبَةٌ وَلَا بُدَّ، إذْ الصُّورَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا الْآنَ غَيْرُ مُفْضَاةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ بْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ إفْتَاءَ وَالِدِ الشَّارِحِ هَذَا فِي حَوَاشِيهِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ بَعَّضْنَاهَا عَتَقَ نِصْفُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا وَكُلُّ غَانِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَتَقَ الْعَبْدَانِ الْأَوَّلُ بِالْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ إنْ كَانَا حَائِزَيْنِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا اهـ.

قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ: وَأَقُولُ قَوْلُهُ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ لَعَلَّهُ فَرَضَ غَانِمًا قَدْرَ السُّدُسِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>