للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ إذْ يَصِيرُ كَلًّا عَلَيْهِ

(وَلَوْ) (قَالَ إذَا مِتُّ وَمَضَى شَهْرٌ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِي (فَأَنْت حُرٌّ) فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ أَيْضًا (فَلِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ) وَكَسْبُهُ (فِي الشَّهْرِ) كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ دُخُولِهِ الدَّارَ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (لَا بَيْعُهُ) وَنَحْوُهُ لِمَا مَرَّ، وَسَبَقَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الصُّورَتَيْنِ لَيْسَتَا تَدْبِيرًا لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ

(وَلَوْ) (قَالَ إنْ) أَوْ إذَا (شِئْتَ) أَوْ أَرَدْت مَثَلًا (فَأَنْت مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتِ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْتَ) وَقَدْ أَطْلَقَ (اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ) أَيْ وُقُوعُهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ (مُتَّصِلَةٌ) بِلَفْظِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ نَظِيرُ الْمَارِّ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَقْتَضِي، إذْ هُوَ تَمْلِيكٌ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ، إذَا أَضَافَهُ لِلْعَبْدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَصْوِيرِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ فَأَنْت مُدَبَّرٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، بَلْ مَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيِّزِ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ فَهُوَ كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ.

قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ صِفَةٌ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فَاسْتَوَى فِيهَا قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ تَمْلِيكٌ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ، وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَشِيئَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ شَاءَ الْعِتْقَ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ لَا أَشَاؤُهُ ثُمَّ قَالَ أَشَاءُ فَكَذَلِكَ وَلَمْ يَعْتِقْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا شَاءَهُ أَوَّلًا، أَوْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ، سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَتْ مَشِيئَتُهُ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ، أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ نَوَاهُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا بَعْدَهُ بِلَا فَوْرٍ (فَإِنْ قَالَ مَتَى) أَوْ مَهْمَا مَثَلًا (شِئْت فَلِلتَّرَاخِي) لِأَنَّ نَحْوَ مَتَى مَوْضُوعَةٌ لِلزَّمَانِ فَاسْتَوَى فِيهَا جَمِيعُ الْأَزْمَانِ وَإِنْ مَوْضُوعَةٌ لِلْفِعْلِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا زَمَانُ الْفِعْلِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا مَرَّ أَوْ يَنْوِهِ

(وَلَوْ) (قَالَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ شَرِيكَيْنِ (لِعَبْدِهِمَا إذَا مِتْنَا فَأَنْت حُرٌّ) (لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا) لِتُوجَدَ الصِّفَتَانِ، ثُمَّ إنْ مَاتَا مَعًا كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا تَدْبِيرًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتَيْنِ أَوْ مُرَتَّبًا صَارَ نَصِيبُ آخِرُهُمَا مَوْتًا بِمَوْتِ أَوَّلِهِمَا مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ نَصِيبِ أَوَّلِهِمَا (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُ نَصِيبِهِ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقًّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ قَبْلَ بَيْعِهِ وَإِنْ تَرَاخَى

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ) أَيْ وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ: أَيْ وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ (قَوْلُهُ بَلْ مَتَى شَاءَ) : أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ مِنْهُ وَدَامَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ شَاءَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ بِمَعْنَى رَجَعْتُ عَنْ الْمَشِيئَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْمَشِيئَةَ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَلَا يَعْتِقُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا) أَيْ الْمَشِيئَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مِنْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: بِلَا فَوْرٍ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ أَوْ شِئْتَ مِنْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ الْفَوْرَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ عِنْدَ التَّقْدِيمِ: يَعْنِي حَيْثُ رَتَّبَ قَوْلَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ بِالْفَاءِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَاعْتَبَرَ الْمَشِيئَةَ قَيْدًا فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَا) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتَيْنِ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: ثُمَّ إنْ مَاتَا مَعًا فَفِي كَافِي الرُّويَانِيِّ وُجِّهَ أَنَّ الْحَاصِلَ عِتْقُ تَدْبِيرٍ لِاتِّصَالِهِ بِالْمَوْتِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِتْقٌ بِحُصُولِ الصِّفَةِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ، وَالتَّدْبِيرُ أَنْ يُعَلِّقَ الْعِتْقَ بِمَوْتِ نَفْسِهِ وَإِنْ مَاتَا مُرَتَّبًا فَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَا تَدْبِيرَ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يَصِيرُ نَصِيبُ الثَّانِي مُدَبَّرًا لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا مَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>