لِلْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ وَلَهُ نَحْوُ اسْتِخْدَامِهِ وَكَسْبِهِ. وَفَارَقَ مَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فَإِنَّ الْكَسْبَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَهُ لِأَنَّهُ يَجِبُ إعْتَاقُهُ فَوْرًا فَكَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ حَالَ اكْتِسَابِهِ
(وَلَا يَصِحُّ) (تَدْبِيرُ) مُكْرَهٍ وَ (مَجْنُونٍ) حَالَةَ جُنُونِهِ (وَصَبِيٍّ) (لَا يُمَيِّزُ وَكَذَا مُمَيِّزٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِمْ وَرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ.
وَالثَّانِي الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَتِهِ، وَالْمَصْلَحَةُ هُنَا فِي جَوَازِهِ لِأَنَّهُ إنْ عَاشَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ مَاتَ حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ
(وَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ وَكَذَا بِالْفَلَسِ أَيْضًا، إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ مَعَ صِحَّةِ عِبَارَتِهِمَا وَمِنْ سَكْرَانَ (وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ) وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُهُ وَتَعْلِيقُهُ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَمِلْكِهِ
(وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) فَإِنْ بَقَّيْنَاهُ صَحَّ أَوْ أَنْزَلْنَاهُ فَلَا أَوْ وَقَفْنَاهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَتْ صِحَّتُهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ) (دَبَّرَ) قِنًّا (ثُمَّ ارْتَدَّ) (لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) بَلْ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا عَتَقَ الْقِنُّ صِيَانَةً لِحَقِّهِ عَنْ الضَّيَاعِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ الْمُسْتَقْبَلَةِ دُونَ الْمَاضِيَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ فَسَادِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ السَّابِقَيْنِ عَلَيْهَا.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَالثَّالِثُ الْبِنَاءُ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ
(وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ وَإِنْ صَارَ دَمُهُ مُهْدَرًا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِيهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ الِاسْتِيلَادُ وَالْكِتَابَةُ بِهَا
وَلَوْ حَارَبَ مُدَبَّرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَسُبِيَ امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالًا لِحَقِّ السَّيِّدِ (وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ) وَأُمِّ وَلَدِهِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ (إلَى دَارِهِمْ) وَإِنْ دَبَّرَهُ، عِنْدَنَا وَأَبِي الرُّجُوعَ مَعَهُ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ جَمِيعَهَا بَاقِيَةٌ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً لَا يُرَدُّ إلَّا بِرِضَاهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِي الْأَصْلِيَّيْنِ الْمُرْتَدَّانِ فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِمَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ، وَفِي مَعْنَى الْمُرْتَدِّ الْقِنُّ الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ أَوْ الْمُكَاتَبُ الْمُنْتَقِلُ مِنْ مِلَّةٍ إلَى أُخْرَى حَيْثُ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ
(وَلَوْ) (كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَدَبَّرَهُ) بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (نُقِضَ) تَدْبِيرُهُ (وَبِيعَ عَلَيْهِ) لِمَا فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِذْلَالِ وَهَذَا عَطْفُ بَيَانٍ لِمُرَادِهِ بِالنَّقْضِ بَيَّنَ بِهِ حُصُولَهُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى لَفْظٍ
(وَلَوْ) (دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ) الْعَبْدُ (وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ) بِأَنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (نُزِعَ مِنْ سَيِّدِهِ) وَيُتْرَكُ فِي يَدِ عَدْلٍ وَيَسْتَكْسِبُ دَفْعًا لِلذُّلِّ وَلَا يُبَاعُ لِتَوَقُّعِ حُرِّيَّتِهِ (وَصُرِفَ كَسْبُهُ إلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ) لِئَلَّا يَبْقَى فِي مِلْكِ كَافِرٍ وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ صِحَّةُ الرُّجُوعِ عَنْهُ بِالْقَوْلِ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ قَدْ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ نُزِعَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَفِي قَوْلٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَقَفْنَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ارْتَدَّ) أَيْ السَّيِّدُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) وَفَائِدَةٌ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنْ اتَّفَقَ عَدَمُ قَتْلِهِ لِتَوَارِيهِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي فَصْلِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ. . . إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ مَتْنًا وَشَرْحًا مَا نَصُّهُ، وَكَذَا عَتِيقُهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْعَاقِلُ وَالْمَجْنُونُ فِي الْأَصَحِّ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فِي سَيِّدِهِ لَوْ لَحِقَ بِهَا فَهُوَ أَوْلَى اهـ.
فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا فِيمَا لَوْ سُبِيَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَهُوَ مَالُهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَمَا هُنَاكَ بِالْعِتْقِ صَارَ مُسْتَقِلًّا.
قُلْت: يُنَافِيهِ عُمُومُ قَوْلِهِ امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ سُبِيَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَصَرَّحَ بِهَذَا الشُّمُولِ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهَا) أَيْ وَإِنْ رَضِيَا (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَيْ مِنْ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ نُقِضَ تَدْبِيرُهُ) أَشْعَرَ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
شَرِيكِي فَنَصِيبِي مُدَبَّرٌ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَارَبَ مُدَبَّرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) مَا ذِكْرُهُ فِي الْمُسْلِمِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا فِي الذِّمِّيِّ فَلَا يَتَّضِحُ إنْ كَانَ السَّبْيُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، أَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ كَمَا مَرَّ فِي السِّيَرِ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمُسْلِمِ
(قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَتَأَتَّى. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ صَيَّرَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ قَيْدٌ، إذْ لَا مَفْهُومَ لَهُ حِينَئِذٍ