يُبَاعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ لِكَافِرٍ آخَرَ فَيَصِحُّ عَلَى بُعْدٍ
(وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلِوَلِيِّهِ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) وَهِبَتُهُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ مُدَبَّرَ أَنْصَارِيٍّ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا وَلَا خَالَفَهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاحْتِمَالُ بَيْعِهِ فِي الْأَوَّلِ لِلدَّيْنِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَتَوَقَّفَ عَلَى طَلَبِ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ الرَّاوِي فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ إذْ مُجَرَّدُ كَوْنِ الْبَيْعِ فِيهِ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ لِأَجْلِهِ فَحَسْبُ لِتَوَقُّفِهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ فِي بَيْعِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ عَائِشَةَ كَافِيَةٌ فِي الِاحْتِجَاجِ
(وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ (فِي قَوْلِ وَصِيَّةٍ) لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ الثُّلُثِ (فَلَوْ بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ (ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعُدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ يُبْطِلُ كُلًّا مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالتَّعْلِيقِ وَكَمَا لَا يَعُودُ الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ، وَفِي قَوْلٍ عَلَى قَوْلِ التَّعْلِيقِ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْقَسَمِ (وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ) وَمِثْلُهُ إشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ وَكِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ (كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْتُهُ نَقَضْته رَجَعْتُ فِيهِ صَحَّ) الرُّجُوعُ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالْمَرْجُوحِ إنَّهُ (وَصِيَّةٌ) لِمَا مَرَّ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نَقُلْ وَصِيَّةٌ بَلْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (فَلَا) يَصِحُّ بِالْقَوْلِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ
(وَلَوْ) (عَلَّقَ مُدَبَّرٌ) أَوْ مُكَاتَبٌ أَيْ عِتْقَ أَحَدِهِمَا (بِصِفَةٍ) (صَحَّ) كَمَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، وَكِتَابَةُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ بِحَالِهِمَا (وَ) مِنْ ثَمَّ (عَتَقَ بِالْأَسْبَقِ مِنْ) الْوَصْفَيْنِ (الْمَوْتِ) أَوْ أَدَاءِ النُّجُومِ (وَالصِّفَةِ) تَعْجِيلًا لِلْعِتْقِ فَإِنْ سَبَقَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقَ بِهَا أَوْ الْمَوْتُ فَبِهِ عَنْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْأَدَاءُ فَبِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ
(وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ (وَلَا يَكُونُ) وَطْؤُهُ لَهَا (رُجُوعًا) عَنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) لِطُرُوِّ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حُكْمُهُ كَمَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ
(وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بِالْمَوْتِ بِجِهَةٍ هِيَ أَقْوَى مِنْهُ، وَالْأَضْعَفُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَقْوَى
(وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ) كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) لِمُوَافَقَتِهَا لِمَقْصِدِ التَّدْبِيرِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَلَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ، فَإِنْ عَجَزَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ ثُلُثُ مَالِهِ عَتَقَ بِقَدْرِهِ وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا، فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ دَبَّرَ مُكَاتَبًا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِيمَا مَرَّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ قِنًّا غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ بَيْعِ الْقِنِّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ
(قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ بَيْعِهِ فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ «بَاعَ مُدَبَّرَ أَنْصَارِيٍّ»
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُعْتَمَدِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ لِكَافِرٍ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلِوَلِيِّهِ