للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِجَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالْإِبَاحَةُ وَالنَّدْبُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قِيلَ أَوْ غَيْرُ قَوِيٍّ) لِأَنَّهُ مَتَى عُرِفَتْ أَمَانَتُهُ أُعِينَ بِالصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ وَلَا وُثُوقَ بِتِلْكَ الْإِعَانَةِ، قِيلَ أَوْ غَيْرُ أَمِينٍ لِأَنَّهُ يُعَانُ لِلْحُرِّيَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُضَيِّعُ مَا يَكْسِبُهُ (وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ وَإِنْ انْتَفَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ، وَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ إذَا عُلِمَ مِنْ آخِذِهِمَا صَرْفُهُمَا فِي مُحَرَّمٍ وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْهَا وَقَدْ طَلَبَهَا سَيِّدُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ

(وَصِيغَتُهَا) لَفْظًا أَوْ إشَارَةَ أَخْرَسَ أَوْ كِتَابَةً تُشْعِرُ بِهَا وَكُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ فَمِنْ صَرَائِحِهَا (كَاتَبْتُك) أَوْ أَنْتَ مُكَاتَبٌ (عَلَى كَذَا) كَأَلْفٍ (مُنَجَّمًا) بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ (إذَا أَدَّيْتَهُ) مَثَلًا (فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّ لَفْظَهَا يَصْلُحُ لِلْمُخَارَجَةِ أَيْضًا فَاحْتِيجَ لِتَمَيُّزِهَا بِإِذَا وَمَا بَعْدَهَا،

وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلِهِ فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيَشْمَلُ بَرِئْت مِنْهُ حُصُولَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا.

وَفَرَاغُ الذِّمَّةِ شَامِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ وَالْبَرَاءَةِ بِاللَّفْظِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ قَالَ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا مُنَجِّمًا الْكِتَابَةَ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ كَانَ كَافِيًا فِي الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْرَاجُ كِتَابَةِ الْخَرَاجِ (وَيُبَيِّنُ) وُجُوبًا قَدْرَ الْعِوَضِ وَصِفَتَهُ بِمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ كَمَا يَأْتِي نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ نَقْدٌ غَالِبٌ لَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُهُ كَالْبَيْعِ وَ (عَدَدُ النُّجُومِ) اسْتَوَتْ، أَوْ اخْتَلَفَتْ نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا ثَلَاثَةً كَمَا يَأْتِي (وَقِسْطُ كُلِّ نَجْمٍ) أَيْ مَا يُؤَدَّى عِنْدَ حُلُولِ كُلِّ نَجْمٍ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاشْتُرِطَ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَابْتِدَاءُ النُّجُومِ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالنَّجْمِ هُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ، مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ هُنَا أَنْ يُقَالَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُحْكَمُ فِيهِ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمِلْكِ الْعِوَضِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هُنَا وَإِلَّا فَالثِّقَةُ هُوَ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بَعْدَ الْحَظْرِ) أَيْ الْمَنْعِ، وَالْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَا النَّدْبَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَالنَّدْبُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ السَّيِّدِ أَنَّ مَا يَكْسِبُهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ يَصْرِفُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَتَحْرُمُ كِتَابَتُهُ لِتَأَدِّيهَا إلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ بِمَا يَكْسِبُهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ مَلَكَ مَا يَكْسِبُهُ كَأَنْ حَصَّلَهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحُرْمَةِ وَصَرَفَ مَا كَسَبَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي مُؤْنَتِهِ مَثَلًا ثُمَّ أَدَّى مَا مَلَكَهُ عَنْ النُّجُومِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ: إذَا أَدَّيْته) أَيْ آتَيْتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَدَاءِ لِلْغَالِبِ مِنْ وُجُودِ الْأَدَاءِ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَيَكْفِي كَمَا قَالَ جَمْعٌ أَنْ يَقُولَ إذَا بَرِئَتْ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يَنْوِي ذَلِكَ، وَيَأْتِي أَنَّ نَحْوَ الْإِبْرَاءِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَدَاءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ شَرْعًا هُنَا فَرَاغُ الذِّمَّةِ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُ حَجّ: يَأْتِي أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ إلَخْ، وَمِنْهَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إذَا بَرِئَتْ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَرَاءَةِ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِفَرَاغِ الذِّمَّةِ يَعْتِقُ بِالِاسْتِفْتَاءِ، وَالْبَرَاءَةُ بِاللَّفْظِ لَيْسَ لِفَرْقٍ بَيْنَ الْبَرَاءَةِ وَفَرَاغِ الذِّمَّةِ بَلْ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ فِي التَّعْبِيرِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْبَرَاءَةِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ إذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي قَوْلِهِ وَلِهَذَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ) أَيْ مَعَ ذِكْرِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ مِنْ بَيَانِ كُلِّ نَجْمٍ وَمَا يُؤَدَّى فِيهِ وَإِلَّا كَانَتْ فَاسِدَةً (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا ثَلَاثَةً كَمَا يَأْتِي)

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعْرَفَ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) نَعَمْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ عَبْدٍ يُضَيِّعُ كَسْبَهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءُ السَّيِّدِ بِمَنْعِهِ كَمَا نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَفَتْ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْمُرَادُ انْتِفَاءُ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ) كَانَ الْأَوْلَى لِتَضَمُّنِهَا الْحَمْلَ عَلَى الْفَسَادِ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ نِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>