للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُعَوَّضِ مَعًا، إذْ السَّيِّدُ يَمْلِكُ النُّجُومَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مَعَ بَقَاءِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مِلْكِهِ إلَى أَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ مُلْغَزًا فِيهِ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَا مَالِكَ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ لَا مَالِكَ لَهُ (وَلَوْ) (تَرَكَ لَفْظَ التَّعْلِيقِ) لِلْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ (وَنَوَاهُ) بِقَوْلِهِ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا (جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَةِ، وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّلَفُّظِ بِهِ (وَلَا يَكْفِي لَفْظُ كِتَابَةٍ بِلَا تَعْلِيقٍ وَلَا نِيَّةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْكِتَابَةِ تَقَعُ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ وَعَلَى الْمُخَارَجَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزٍ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ مُخَرَّجٍ يَكْفِي كَالتَّدْبِيرِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إلَّا الْخَوَاصُّ (وَيَقُولُ الْمُكَاتَبُ) عَلَى الْفَوْرِ (قَبِلْتُ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَكْفِي قَبُولُ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِقَبُولِ وَكِيلِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْقَبُولِ، وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ وَإِيجَابٌ كَكَاتِبْنِي عَلَى كَذَا فَيَقُولُ كَاتَبْتُكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ الْأَدَاءُ بِلَا قَبُولٍ كَالْإِعْطَاءِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ هَذَا أَشْبَهُ بِالْبَيْعِ مِنْ ذَلِكَ.

يُقَالُ: تَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُكَاتَبِ إذْ لَا يَصِيرُ مُكَاتَبًا إلَّا بَعْدَ الْقَبُولِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: إطْلَاقُ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] وَقَدْ اتَّفَقَ الْبُلَغَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلُغُ

(وَشُرُوطُهُمَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالْقِنُّ (تَكْلِيفٌ) وَاخْتِيَارٌ فِيهِمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْإِبْصَارُ فَلَوْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ جَازَ (وَإِطْلَاقٌ) لِلتَّصَرُّفِ فِي السَّيِّدِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا كَالْمَبِيعِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِفَلَسٍ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ.

وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ تَصَرُّفُهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ، وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُكَاتَبِ لِإِخْرَاجِ الْمَرْهُونِ وَالْمُؤَجَّرِ الْآتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُمَا وَيَصِحُّ كَوْنُهُ سَفِيهًا، وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكَاتِبٍ لِعَبْدِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ، وَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ النُّجُومَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أُرِيدَ بِهَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا إلَّا الْخَوَاصُّ) فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْتَرَكَةٌ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْقَبُولِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ) أَيْ وَاسْتِقْبَالٌ وَقَبُولٌ كَمَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ قَبِلَ الْكِتَابَةَ أَوْ تَكَاتَبَ مِنِّي بِكَذَا إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ فَقَالَ الْعَبْدُ قَبِلْت (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ كَاتَبْتُك) أَيْ فَوْرًا كَمَا فُهِمَ مِنْ الْفَاءِ

(قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْذُرْ كِتَابَتَهُ، فَإِنْ نَذَرَهَا فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالْفِعْلِ مَعَ الِاخْتِيَارِ، ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ مَثَلًا وَأَخَّرَ الْكِتَابَةَ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَنٌ قَلِيلٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَقْتًا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ، فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا، وَلَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ كِنَايَةٍ لِلْعَبْدِ عَصَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَ الْكِتَابَةَ فِيهِ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: فِي السَّيِّدِ) أَيْ وَالْعَبْدِ بِالْمَعْنَى الْآتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ) غَايَةٌ أُخْرَى فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ أَنْ يَزِيدَ دَيْنُهُ عَلَى مَالِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ فَيَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى وَلِيِّهِ فِي مَالِهِ فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ مِنْ وَلِيِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مِنْهُ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ الَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ فِي جَمْعِهِ النُّجُومَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ مَقُولُ الْقَوْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهَا (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ) وَهُوَ وَصْفٌ لِقَوْلٍ.

(قَوْلُهُ: لِإِخْرَاجِ الْمَرْهُونِ وَالْمُؤَجَّرِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْإِطْلَاقِ فِي هَذَيْنِ لَيْسَ رَاجِعًا لَهُمَا، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ فِيهِمَا فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِمَا، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ احْتِرَازًا عَنْ الْمَأْذُونِ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ بِصَرْفِ أَكْسَابِهِ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ صَنَعَ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعَلَى أَنَّ الشَّارِحَ قَصَرَ الْإِطْلَاقَ فِي الْمَتْنِ عَلَى السَّيِّدِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>