وَعَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ الْقَبُولُ وَيَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ الرَّقَبَةَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ
(وَلَوْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَتْ) كِتَابَتُهُ (وَمَاتَ رَقِيقًا) لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، وَلِلسَّيِّدِ مَا يَتْرُكُهُ بِالْمِلْكِ لَا الْإِرْثِ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا (وَلِسَيِّدِهِ قِصَاصٌ عَلَى قَاتِلِهِ) الْعَامِدِ (الْمُكَافِئِ) لَهُ لِبَقَائِهِ بِمِلْكِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا (فَالْقِيمَةُ) لَهُ هِيَ الْوَاجِبَةُ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى عَبْدِهِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الْكَفَّارَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ طَرَفَهُ
(وَيَسْتَقِلُّ) الْمُكَاتَبُ (بِكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ وَلَا خَطَرَ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مَقْصُودَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ تَحْصِيلُ الْعِتْقِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْكَسْبِ فَمُكِّنَ مِنْ جِهَاتِ الْكَسْبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِيهِ تَبَرُّعٌ كَهِبَةٍ أَوْ خَطَرٌ كَبَيْعِ نَسِيئَةٍ أَوْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ وَقَعَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (فَلَا) يَسْتَقِلُّ بِهِ وَإِنْ أَخَذَ بِذَلِكَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ امْتِنَاعَ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ قَطْعَ نَحْوِ سِلْعَةٍ غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَطَرٌ (وَيَصِحُّ) مَا فِيهِ تَبَرُّعٌ أَوْ خَطَرٌ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّهِ وَكَإِذْنِهِ قَبُولُهُ مِنْهُ تَبَرُّعُهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُكَاتَبٍ لَهُ آخَرَ بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ، نَعَمْ لَيْسَ لَهُ عِتْقٌ وَوَطْءٌ وَكِتَابَةٌ وَلَوْ بِإِذْنِهِ كَمَا يَأْتِي، وَالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُفَوِّتُ غَرَضَ الْعِتْقِ
(وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ) وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِاسْتِقْلَالِ الْمُكَاتَبِ بِالْمِلْكِ (فَإِنْ عَجَزَ وَصَارَ لِسَيِّدِهِ عَتَقَ) عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَسْرِي إلَى بَاقِيهِ وَإِنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ تَعْجِيزَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ
(أَوْ) اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ (عَلَيْهِ) لَوْ كَانَ حُرًّا (لَمْ يَصِحَّ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (وَ) شِرَاؤُهُ لَهُ (بِإِذْنٍ) مِنْهُ (فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي تَبَرُّعَاتِهِ) أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ (فَإِنْ صَحَّ) الشِّرَاءُ (تَكَاتَبَ عَلَيْهِ) فَيَتْبَعُهُ رِقًّا وَعِتْقًا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِهِ
(وَلَا يَصِحُّ) (إعْتَاقُهُ وَكِتَابَتُهُ) لِقِنِّهِ (بِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَضَمُّنِهَا الْوَلَاءَ وَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لَهُ، نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ.
وَالثَّانِي يَصِحُّ عَمَلًا بِالْإِذْنِ وَيُوقَفُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَيَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا فِدَاؤُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الْكَفَّارَةِ) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ إنْ كَانَ عَامِدًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ طَرَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: امْتِنَاعُ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ) وَأَنَّ مَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ مِمَّا يُؤْكَلُ وَلَا يُبَاعُ عَادَةً لَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ لِخَبَرِ بَرِيرَةَ اهـ حَجّ.
وَقَوْلِ حَجّ لَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِهْدَاءِ مِثْلِهِ لِلْأَكْلِ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِامْتِنَاعِ أَخْذِ عِوَضٍ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: غَلَبَتْ فِيهِ) أَيْ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ: وَكَإِذْنِهِ قَبُولُهُ) أَيْ قَبُولُ السَّيِّدِ مِنْ الْعَبْدِ مَا تَبَرَّعَ بِهِ الْعَبْدُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِرَقِيقِ بَعْضِ سَيِّدِهِ عَتَقَ، وَلَا يَسْرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهُ اخْتِيَارًا
(قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَبْدُ نَفْسَهُ
(قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَمَّا حَيْثُ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِلْغَيْرِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لِغَيْرِ السَّيِّدِ فَهِيَ تَبَرُّعٌ وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْغَيْرِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ هِبَةٍ لَهُ فَيَكُونُ تَبَرُّعًا مَحْضًا بِالْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بَيْعًا وَلَا هِبَةً فَيَلْغُو وُقُوعُهُ عَنْ الْغَيْرِ وَيَقَعُ عَنْ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِعْتَاقُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَتَعَذَّرَ وُقُوعُهُ عَنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوَلَاءِ صُرِفَ إلَى سَيِّدِهِ تَنْفِيذًا لِلْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا) أَيْ أَوْ كَانَ قَتْلُهُ غَيْرَ عَمْدٍ
(قَوْلُهُ: بِثَمَنِ الْمِثْلِ) أَيْ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ
(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ فِي مَسْأَلَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. .