للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصَحَّ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي الْكَلَامِ عَلَى وَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي. وَقَالَ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ: وَلَوْ قُدِّرَ عَلَى نِكَاحٍ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ فَهَلْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمَحْضَةِ، تَرَدَّدَ فِيهِ الْإِمَامُ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ اهـ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: فَالتَّبْعِيضُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا فِي وَلَدِ أَمَةِ الْمَغْنَمِ إذَا أَحْبَلَهَا بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا وَلَدُ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُبَعَّضِ وَسَيِّدِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ فِي الْحَالِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، فَإِذَا زَالَ بِعِتْقِهِ عَمِلَ الْمُقْتَضَى عَمَلَهُ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ الْإِحْبَالِ فَيَثْبُتُ الْإِيلَادُ. السَّادِسَةُ الْأَمَةُ الَّتِي يَمْلِكُ فَرْعُهُ بَعْضَهَا إذَا أَوْلَدَهَا الْأَبُ الْمُوسِرُ سَرَّى الْإِيلَادُ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا. فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ. وَيُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ فِيهَا تَقْدِيرُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ فَلَمْ يَقَعْ الْإِيلَادُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوْ مَا تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ مَا لَوْ قُلْنَ إنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ وَلَوْ بَقِيَ لِتَصَوُّرٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْإِيلَادُ كَمَا لَا تَجِبُ بِهِ الْغُرَّةُ وَإِنْ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ أُمَّ وَلَدِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا بَلْ يُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ سُبِيَتْ مُسْتَوْلَدَةُ كَافِرٍ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَلَمْ تَعْتِقْ بِمَوْتِهِ وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةُ الْحَرْبِيِّ إذَا أُرِقَّ، وَلَوْ قَهَرَتْ مُسْتَوْلَدَةُ الْحَرْبِيِّ سَيِّدَهَا عَتَقَتْ فِي الْحَالِ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مَا لَوْ قَتَلَتْهُ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ اسْتَعْجَلَتْ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ لِأَنَّ الْإِحْبَالَ كَالْإِعْتَاقِ، وَلِهَذَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَلَا يَقْدَحُ الْقَتْلُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَتَجِبُ دِيَتُهُ فِي ذِمَّتِهَا.

وَمَا لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ وَضْعِهَا ثُمَّ وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ وَلَهَا أَكْسَابُهَا بَعْدَهُ، وَإِسْنَادُ أَحْبَلَ إلَى الضَّمِيرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَيُسَمَّى مَجَازًا حُكْمِيًّا وَمَجَازًا فِي الْإِثْبَاتِ وَإِسْنَادًا مَجَازِيًّا نَحْوُ أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ، وَأَنَّثَ الْمُصَنِّفُ وَلَدَتْ وَعَتَقَتْ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَأْنِيثُ الْفِعْلِ بِتَاءٍ سَاكِنَةٍ فِي آخَرِ الْمَاضِي وَبِتَاءِ الْمُضَارَعَةِ فِي أَوَّلِ الْمُضَارِعِ إذَا كَانَ فَاعِلُهُ مُؤَنَّثًا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ ضَمِيرًا مُتَّصِلًا. وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا حَقِيقِيَّ التَّأْنِيثِ، وَإِنَّمَا قَالَ قَالَ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي وَلَدِ أَمَةٍ) أَيْ فَإِنَّ الْوَلَدَ كُلَّهُ حُرٌّ وَلَمْ يَنْفُذْ الِاسْتِيلَادُ إلَّا فِي النِّصْفِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ) الْأَوْلَى إعْتَاقُهُ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ إيلَادَهُ نَافِذٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ كَلَامُهُ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ أَفْهَمَ، بِخِلَافِ سَابِقِهِ لِأَنَّ إفَادَةَ الْمَتْنِ لَهُ بِدَلَالَةِ الْمَنْطُوقِ دُونَ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَهَرَتْ) أَيْ بِحَيْثُ تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ تَخَلَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَتَقَتْ فِي الْحَالِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهَا بِذَلِكَ وَبِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَتَعْتِقُ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لِمَالِكٍ فَتَصِيرُ حُرَّةً (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ دِيَتُهُ فِي ذِمَّتِهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوجِبْ الْقَتْلُ قِصَاصًا وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِسْنَادُ أَحْبَلَ إلَى الضَّمِيرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ عُلُوقَ الْأَمَةِ إنَّمَا هُوَ بِخَلْقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ نُسِبَ الْوَطْءُ لِلسَّيِّدِ وَنُزُولُ الْمَنِيِّ فَالْوَطْءُ سَبَبٌ وَالْعُلُوقُ مِنْ اللَّهِ وَالْإِحْبَالُ هُوَ الْعُلُوقُ، وَقَدْ يُمْنَعُ لِكَوْنِهِ عَقْلِيًّا بِهَذَا الطَّرِيقِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ الْحَقِيقِيَّ اصْطِلَاحًا هُوَ مَنْ قَامَ بِهِ الْفِعْلُ، وَمِنْهُ مَاتَ عَمْرٌو مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ الْقَائِمَ بِهِ بِمَحْضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَنْسُوبُ لِلْوَاطِئِ وَالْقَائِمِ بِهِ الْوَطْءُ. وَأَمَّا تَخَلُّقُ الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ فَبِمَحْضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لِلْوَاطِئِ فِيهِ وَلَا قَامَ بِهِ التَّخَلُّقُ. وَكَثِيرًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ وَكَذَا وَلَدُ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُبَعَّضِ وَسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ) وَإِنَّمَا مَنَعَ نُفُوذَ الْإِيلَادِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ الْإِيلَادِ عَدَمُ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ كَلَامُهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْإِفَادَةِ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ عَقْلِيٌّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِحْبَالَ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ إلَى السَّيِّدِ، فَقَوْلُهُ إلَى الْمُضْمَرِ: أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُضْمَرًا وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَتَحْقِيقُ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ هُنَا ظَاهِرٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ) يَعْنِي مَرْفُوعَهُ.

(قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا) يَعْنِي اسْمًا ظَاهِرًا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَاصِلٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>