يَقُلْ بِمَوْتِهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهُ لِمَانِعٍ لَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَالْحَيَاةُ ضِدُّ الْمَوْتِ وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارِقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةَ وَقِيلَ عَرْضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: ٢] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ
(أَوْ) أَحْبَلَ (أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ) لَا غُرُورَ فِيهِ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ زِنًا (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ فَيَكُونُ لِمَالِكِ أُمِّهِ بِالْإِجْمَاعِ، إذْ الْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ وَإِيجَابِ الْبَدَلِ وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ وَأَخَفَّهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ، وَيُطْلَقُ الرَّقِيقُ عَلَى نَقِيضِ الْغَلِيظِ وَالثَّخِينِ (وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (إذَا مَلَكَهَا) لِانْتِفَاءِ الْعُلُوقِ بِحُرٍّ إذْ ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ فَرْعُ ثُبُوتِهَا لِلْوَلَدِ، فَإِذَا انْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ ذَلِكَ، وَلَوْ مَلَكَهَا حَامِلًا مِنْ نِكَاحِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَلَدَ الْمَالِكِ انْعَقَدَ حُرًّا. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا، أَوْ لَا يَطَؤُهَا بَعْدَ الْمِلْكِ وَتَلِدُهُ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ لِكَوْنِهِ بَعْضًا لَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا، وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا فَالْوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ حُرٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ، أَوْ نَكَحَ حُرٌّ جَارِيَةَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ أَوْ عَبْدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ.
فَلَوْ أَوْلَدَهَا لَمْ يَثْبُتْ الْإِيلَادُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَجَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْحِجَازِيُّ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ، وَقِيلَ يَثْبُتُ وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ نَزَعَ أَمَةً بِحُجَّةٍ ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَإِنْ وَافَقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا أَوْ قِيمَتَهَا وَالْمَهْرَ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَيُوقَفُ وَلَاؤُهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حُجَّةً فَحَلَفَ الْمُنْكِرُ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا يُوجَدُ الْوَطْءُ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ حَبَلٌ فَكَانَ الْإِسْنَادُ مَجَازًا عَقْلِيًّا (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ الْإِفَادَةِ أَنَّهُ حَيْثُ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سِيَادَةٌ حَالَ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ الرَّقِيقُ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَكَهَا حَامِلًا مِنْ نِكَاحِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ الْحَامِلَ مِنْهُ مِنْ زِنًا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ لَهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَعْتِقُ فِيهِ الْوَلَدُ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ بَعْضًا لَهُ) بِأَنْ تَزَوَّجَ شَخْصٌ بِأَمَةِ أَبِيهِ مَثَلًا فَأَحْبَلَهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ وَلَدُ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا) أَيْ لِلْمُقِرِّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ) أَيْ الَّذِي أَكْذَبَ نَفْسَهُ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَرْفُوعُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ بِنَحْوِ الْمَفْعُولِ: نَحْوُ أَتَى الْقَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْإِفَادَةِ مِنْ هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ خُصُوصَ انْتِقَالِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ تَنْبِيهُ الْقِيَاسِ بِمَوْتِهِ، لَكِنْ لَمَّا أَوْهَمَ الْعِتْقَ وَإِنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ أَظْهَرَ الضَّمِيرَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهَا إنَّمَا تَعْتِقُ إنْ كَانَ سَيِّدَهَا وَقْتَ الْمَوْتِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: ضِدُّ الْحَيَاةِ) الْمُنَاسِبُ لِتَفْسِيرِهِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَقُولَ نَقِيضُ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ فَرْعُ الْوُجُودِ فَهُوَ مِنْ تَقَابُلِ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ لَا مِنْ تَقَابُلِ النَّقِيضَيْنِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَلَدَ الْمَالِكِ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَانْظُرْ مَا وَجْهُ إيرَادِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مُسَاهَلَةٌ لَا تَخْفَى وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالْوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ فَالْوَلَدُ الْحَادِثُ قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ: أَيْ بِخِلَافِ الْحَادِثِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَثْبُتُ) أَيْ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا وَقِيمَتَهَا) أَيْ لِلْمَقَرِّ لَهُ وَمِثْلُ هَذَا فِي التُّحْفَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالنَّقْصِ الْمَغْرُومِ مَعَ الْقِيمَةِ، وَسَيَأْتِي آخِرَ مَسْأَلَةٍ فِي الْكِتَابِ نَقْلًا عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَالْمَهْرَ، وَسَيَأْتِي ثُمَّ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute