للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ عَلَى تَرْكِهَا (لِعَشْرٍ) لِأَنَّهُ مُظَنَّةُ الْبُلُوغِ فَيَجُوزُ ضَرْبُهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ كَمَا صَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَ اسْتِكْمَالَهَا.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَقِيسَ: بِالصَّلَاةِ الصَّوْمُ، وَالْأَمْرُ بِالضَّرْبِ وَاجِبَانِ عَلَى الْوَلِيِّ أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا، وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ فِي مَعْنَى الْأَبِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ، وَكَذَا الْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْإِمَامُ، وَكَذَا الْمُسْلِمُونَ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَلَا يَقْتَصِرُ كَمَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ عَلَى مُجَرَّدِ صِيغَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ وَالصَّوْمُ كَالصَّلَاةِ فِيمَا تَقَرَّرَ إنْ أَطَاقَهُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَمْرِهِ بِهَا مِنْ لَا يُعْرَفُ دِينُهُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ يَصِفُ الْإِسْلَامَ فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَوْ لَمْ يُفِدْ إلَّا بِمُبَرِّحٍ تَرَكَهُ وِفَاقًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ: أَيْ وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ فَوْقَ ثَلَاثِ ضَرَبَاتٍ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ «غَطِّ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ» .

وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ بِسَنَدٍ ضَعِيفِ «نَهَى أَنْ يَضْرِبُ الْمُؤَدِّبُ فَوْقَ ثَلَاثِ ضَرَبَاتٍ» قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْيَنْبُوعِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: يَتَّجِهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا وَتَوَقَّفَ فِعْلُهَا عَلَى الضَّرْبِ ضَرَبَهُ لِيَفْعَلَهَا لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا مِنْ غَيْرِ سَبْقِ طَلَبِهَا فِيهِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا مَثَلًا يَضْرِبُ لِأَجْلِ التَّرْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ ضَرْبُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْوُجُوبُ لِأَنَّ مَا كَانَ مُمْتَنِعًا وَجَازَ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَ اسْتِكْمَالَهَا إلَخْ، عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْجَوَازِ بَلْ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ حَتَّى يَضْرِبَ بِاسْتِكْمَالِ تِسْعٍ اهـ.

ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ مِنْ وُجُوبِ الضَّرْبِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ هَرَبُهُ وَضَيَاعُهُ. فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَرَكَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ) الْمُرَادُ بِالْأَثْنَاءِ تَمَامُ التِّسْعِ فَلَا يَشْتَرِطُ مُضِيَّ مُدَّةٍ مِنْ الْعَاشِرَةِ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا وُجُوبَ الضَّرْبِ بِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتِّسْعِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ: فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ وَلَوْ عَقِبَ اسْتِكْمَالِ التِّسْعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَلِيِّ أَيًّا كَانَ إلَخْ) .

[فَرْعٌ] يَجُوزُ لِلْأُمِّ الضَّرْبُ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ م ر، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْأَمْرُ وَالضَّرْبُ إلَّا إنْ فُقِدَ الْأَبُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ مَعَ وُجُودِهِ لَهُ لَا لَهَا هَكَذَا قَرَّرَهُ م ر عَلَى جِهَةِ الْبَحْثِ وَالْفَهْمِ.

أَقُولُ: لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ إلَى آخِرِ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، لَكِنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْأُمِّ لَيْسَ لِوِلَايَتِهَا عَلَى الصَّبِيِّ بَلْ لِكَوْنِهِ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأُمِّ بَلْ يُشْرِكُهَا فِيهِ الْأَجَانِبُ، وَأَمَّا الْوُجُوبُ عَلَى الْأَبِ فَلِلْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَبَ وَالْأُمَّ لِقُرْبِهِمَا مِنْ الْأَوْلَادِ لَا لِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِهِمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى، وَكَالْأُمِّ فِيمَا ذَكَرَ كَبِيرُ الْإِخْوَةِ وَبَقِيَّةُ الْعَصَبَةِ حَيْثُ لَا وِصَايَةَ لَهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ جَدٌّ) أَيْ وَإِنْ عَلَا.

قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ السُّبْكِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ لَيْسَ لِلْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ بَلْ لِمُجَرَّدِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الْمُلْتَقِطُ وَالْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ اهـ زَادَ حَجّ وَأَقْرَبُ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُسْلِمُونَ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا وُجُوبُ الضَّرْبِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ بَلْ قَضِيَّةُ كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وُجُوبَهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ) أَيْ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَطَاقَهُ) وَيَعْرِفُ مِنْ الْإِطَاقَةِ وَعَدَمِهَا: الْقَرَائِنُ، فَحَيْثُ ظَهَرَ لِوَلِيِّهِ عَدَمُ إطَاقَتِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَحَيْثُ ظَهَرَتْ وَجَبَ أَمْرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي حَالِهِ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ الْأَمْرِ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>