للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ كَافِرًا، وَلَا يُنْهَى عَنْهَا لِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ كُفْرَهُ وَهَذَا كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهَلْ يَضْرِبُهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَأْمُرهُ بِهِ أَوْ تَصِحُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ قَاعِدًا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُؤْمَرُ بِهِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمْرِ، وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا فِي حَقِّهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ جَالِسًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَجَرَيَانُ الْوَجْهَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ مُحْتَمَلٌ، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مُشْعِرٌ بِالْمَنْعِ، وَعَلَيْهِمْ نَهْيُهُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَعْلِيمُهُ الْوَاجِبَاتِ وَسَائِرَ الشَّرَائِعِ كَالسِّوَاكِ وَحُضُورِ الْجَمَاعَاتِ، ثُمَّ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا انْتَفَى ذَلِكَ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ، أَوْ سَفِيهًا فَوِلَايَةُ الْأَبِ مُسْتَمِرَّةٌ، فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ الْوَاجِبَاتِ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ، وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ أُجْرَةَ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْآدَابِ كَزَكَاتِهِ وَنَفَقَةِ مُمَوِّنِهِ وَبَدَلِ مُتْلَفِهِ، فَمَعْنَى وُجُوبِهَا فِي مَالِهِ ثُبُوتُهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَدَمُ الْإِطَاقَةِ، وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ يَضُرُّهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ) قَالَ حَجّ: وَالْأَوْجَهُ نَدْبُ أَمْرِهِ بِهَا لِيَأْلَفَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ.

وَقَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إنَّهُ يَجِبُ أَمْرُهُ بِهَا نَظَرًا لِظَاهِرِ الْإِسْلَامِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ: أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ وَهَلْ يَصِحُّ إلَخْ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُؤْمَرُ بِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا فَاتَهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْعَشْرِ، أَمَّا مَا فَاتَهُ بَعْدَ السَّبْعِ وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى دَخَلَ الْعَشْرَ فَهَلْ يُضْرَبُ عَلَى قَضَائِهِ كَاَلَّذِي فَاتَهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُضْرَبُ قَبْلَ الْعَشْرِ لِعَدَمِ احْتِمَالِهِ الضَّرْبَ وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ.

[فَرْعٌ] قَالَ م ر: يَجُوزُ لِمُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ الْأَيْتَامِ بِمَكَاتِبِ الْأَيْتَامِ أَمْرُهُمْ وَضَرْبُهُمْ عَلَى نَحْوِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَوْصِيَاءٌ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمَّا قَرَّرَهُ لِتَعْلِيمِهِمْ كَانَ مُسَلَّطًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَثَبَتَتْ لَهُ بِهَذِهِ الْوِلَايَةِ فِي وَقْتِ التَّعْلِيمِ، وَلِأَنَّهُمْ ضَائِعُونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِغَيْبَةِ الْوَصِيِّ عَنْهُمْ وَقَطْعِ نَظَرِهِ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَكَانَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهُمْ ثُبُوتُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِلْمُؤَدِّبِ.

أَقُولُ: يُؤَيِّدُ الْجَوَازَ تَأْيِيدًا ظَاهِرًا أَنَّ الْمُؤَدِّبَ فِي وَقْتِ التَّعْلِيمِ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُوَدِّعِ لِلرَّقِيقِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَأَقُولُ أَيْضًا: يَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُؤَدِّبِ مَنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَلِيُّهُ لَا الْحَاكِمُ أَمْرُهُ وَضَرْبُهُ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُودَعِ فِي هَذَا الْوَقْتِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤْمَرُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَمْرَهُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَا ضَرَبَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَرَيَانُ الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ قَاعِدًا وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مُشْعِرٌ بِالْمَنْعِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ مِمَّنْ ذَكَرَ لَيْسَ كَالْأَبِ فِي ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ حَجّ خِلَافُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَنْتَهِي وُجُوبُ ذَيْنَك: أَيْ الْأَمْرِ وَالضَّرْبِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا، فَقَوْلُهُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ شَامِلٌ لِغَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ، وَهُوَ وَاضِحٌ فَإِنَّ وِلَايَةَ غَيْرِ الْأَبِ لَا تَنْفَكُّ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ الْوَاجِبَاتِ) أَيْ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الشَّرَائِعِ كَمَا مَرَّ فِي تَفْسِيرِ الْوَاجِبَاتِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَقَارِبِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَمَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ.

وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ مَيَاسِيرَ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الضَّرُورِيُّ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْأَبِ وَلَا الْأُمِّ (قَوْلُهُ: أُجْرَةُ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ وَدَفْعَ أُجْرَتِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ حَيْثُ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلصَّبِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَالسِّوَاكِ) لَكِنْ لَا يَضْرِبُ عَلَى السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ مِنْ السُّنَنِ نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>