للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَنْحَرِفْ إلَيْهَا فَوْرًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَسَلَكَ الْآخَرَ لَا لِغَرَضٍ فَهَلْ لَهُ التَّنَفُّلُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ؟ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْقَصْرِ وَيُحْتَمَلُ تَجْوِيزُهُ لَهُ قَطْعًا تَوْسِعَةً فِي النَّوَافِلِ وَتَكْثِيرًا لَهَا، وَلِهَذَا جَازَتْ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَهَذَا أَصَحُّ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَفَارَقَ مَنْعَ الْقَصْرِ فِي نَظِيرِهِ بِمَزِيدِ التَّوْسِعَةِ فِي النَّوَافِلِ لِكَثْرَتِهَا.

(وَيُومِئُ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) أَيْ وَيَكُونُ سُجُودُهُ (أَخْفَضَ) مِنْ رُكُوعِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَبِسُجُودِهِ وُجُوبًا إنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ بَلْ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لَتَعَذُّرِهِ أَوْ تَعَسُّرِهِ وَالنُّزُولُ لَهُمَا أَعْسَرُ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إيمَاءً إلَّا الْفَرَائِضَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ: «فِي صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّاحِلَةِ بِالْإِيمَاءِ يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ»

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّ) (الْمَاشِيَ يُتِمُّ) وُجُوبًا (رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ) (وَيَسْتَقْبِلُ فِيهِمَا وَفِي إحْرَامِهِ) وَجُلُوسُهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا مَاكِثًا لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ، وَالثَّانِي يَكْفِيهِ أَنْ يُومِئَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَالرَّاكِبِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ فِيهِمَا وَيَلْزَمُهُ فِي إحْرَامه عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ كَانَ يَمْشِي فِي وَحْلِ وَنَحْوِهِ أَوْ مَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إكْمَالَ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ؟ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ لُزُومُهُ وَاشْتِرَاطُهُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ يَكْفِيهِ أَيْ الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَتَلْوِيثِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خَرَجَ عَنْ جِهَةِ مَقْصِدِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيَنْحَرِفْ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي قَصَدَ الرُّجُوعَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ إلَخْ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَيُومِئُ) أَيْ بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبِسُجُودِهِ) وَعَلَيْهَا فَأَخْفَضَ حَالٌ وَعَلَى الْأُولَى فَيَجُوزُ رَفْعُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى رُكُوعِهِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ إعَادَةِ الْجَارِ لِعَطْفِهِ عَلَى ظَاهِرٍ وَلَا شُذُوذَ فِيهِ، عَلَى أَنَّ فِي الرَّفْعِ تَقْدِيرَ يَكُونُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ قَلِيلٌ بِدُونِ أَنْ وَلَوْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْفَرَسِ.

وَفِي الْمُخْتَارِ: الْعُرْفُ ضِدُّ النُّكْرِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْعُرْفُ أَيْضًا عُرْفُ الْفَرَسِ اهـ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُضَافُ لِغَيْرِ الْفَرَسِ مِنْ الدَّوَابِّ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَعْرَفَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْعُرْفُ اهـ.

وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْعُرْفُ بِالضَّمِّ: شَعْرُ عُنُقِ الْفَرَسِ وَتُضَمُّ رَاؤُهُ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَعُرْفُ الدَّابَّةِ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي مَحْدَبِ رَقَبَتِهِ اهـ.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا) لَا يُقَالُ: هَذَا عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفٍ إلَخْ.

لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ نَفْيُهُ مُطْلَقًا لِجَوَازِ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَلَى نَحْوِ السَّرْجِ وَبِتَقْدِيرِ لُزُومِهِ فَقَدْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَالنُّزُولُ لَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ) أَيْ فَتُحْمَلُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَاشِي يُتِمُّ وُجُوبًا رُكُوعَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا أَوْ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ فِيهِمَا لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ مَثَلًا لَمْ يَنْتَفِلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ يَتَنَفَّلُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ الْمُجَوِّزَةُ لِتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ فِي السَّفَرِ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ بِالطَّرِيقِ وَحَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ

(قَوْلُهُ: يَكْفِيهِ أَيْ الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ) أَيْ وَلَا يُسَنُّ إعَادَةُ النَّفْلِ الرَّاتِبِ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ مُجَرَّدُ الْإِيمَاءِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ فِيهِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَكُونُ سُجُودُهُ إلَخْ) أَعْرَبَ الشِّهَابُ حَجّ أَخْفَضَ حَالًا، وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ سُجُودُهُ بِالْجَرِّ، وَأَمَّا صَنِيعُ الشَّارِحِ فَيَقْتَضِي قِرَاءَتَهُ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ) هَذَا بَيَانُ الِاتِّبَاعِ الْمُتَقَدِّمِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامَهَا مَاكِثًا لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ) هَذَا جَعَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَعْلِيلًا لِوُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ فِيمَا ذَكَرَ لَا لِوُجُوبِ إتْمَامِ الرُّكُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>