للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِالطِّينِ، وَقَدْ وَجَّهُوا وُجُوبَ إكْمَالِهِ بِالتَّيَسُّرِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَإِلْزَامُهُ بِالْكَمَالِ يُؤَدِّي إلَى التَّرْكِ جُمْلَةً

(وَ) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ (لَا يَمْشِي) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ (إلَّا فِي قِيَامِهِ) شَمَلَ اعْتِدَالَهُ (وَتَشَهُّدَهُ) وَلَوْ الْأَوَّلُ فَلَا يَمْشِي فِي غَيْرِهِمَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ مَشْيَ الْقَائِمِ سَهْلٌ فَسَقَطَ عَنْهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ لِيَمْشِيَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ سَفَرِهِ قَدْرَ مَا يَأْتِي بِالذَّكَرِ الْمَسْنُونِ فِيهِ، وَمَشْيُ الْجَالِسِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْقِيَامِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ، وَلَوْ بَلَغَ الْمُسَافِرُ الْمَحَطَّ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ سَيْرُهُ أَوْ بَلَغَ طَرَفَ بُنْيَانِ بَلَدِ إقَامَتِهِ أَوْ نَوَى وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهَا لَزِمَهُ النُّزُولُ عَنْ دَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إتْمَامُهَا مُسْتَقْبَلًا وَهِيَ وَاقِفَةٌ لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ، بِخِلَافِ الْمَارِّ بِذَلِكَ وَلَوْ بَقَرِيَّةٍ لَهُ أَهْلٌ فِيهَا فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ، وَعَلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي جَوَازِ تَنَفُّلِهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا دَوَامُ سَفَرِهِ وَسَيْرِهِ، فَلَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ رُكُوبِهِ، وَلَوْ نَزَلَ وَبَنَى أَوْ ابْتَدَأَهَا لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّكُوبَ وَالسَّيْرَ فَلْيُتِمَّهَا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا ثُمَّ يَرْكَبُ فَإِنْ رَكِبَ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى الرُّكُوبِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ، وَلَهُ الرَّكْضُ لِلدَّابَّةِ وَالْعَدْوُ لِحَاجَةٍ سَوَاءٌ أَنَّ الرَّكْضَ وَالْعَدْوَ لِحَاجَةِ السَّفَرِ كَخَوْفِ تَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ أَمْ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ كَتَعَلُّقِهَا بِصَيْدٍ يُرِيدُ إمْسَاكَهُ كَمَا اقْتَضَى ذَلِكَ كَلَامُهُمْ وَكَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ الْوَجْهَ بُطْلَانُهَا فِي الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجْرَى الدَّابَّةَ أَوْ عَدَا الْمَاشِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُقَالُ يُبَالِغُ فِي ذَلِكَ بِحَيْثُ يَقْرَبُ مِنْ الْوَحْلِ كَمَنْ حُبِسَ بِمَوْضِعٍ نَجِسٍ، وَكَمَا فِي مَنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَاعِدًا إذَا عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ النَّفَلَ فِي السَّفَرِ خُفِّفَ فِيهِ، وَحَيْثُ وُجِدَتْ مَشَقَّةٌ سَقَطَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَيَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الْإِيمَاءِ

(قَوْلُهُ: وَتَشَهُّدَهُ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ سَلَامَ التَّحَلُّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ - وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْأَدْعِيَةِ (قَوْلُهُ فَلَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَزْحَفُ أَوْ يَحْبُو جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَالُهُ فِي السَّفَرِ الْحَبْوَ أَوْ الزَّحْفَ بَلْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ فِي خُصُوصِ الْجُلُوسِ جَازَ.

وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ يَزْحَفُ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ وَمَشَى فِي رُكُوعِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ حَيْثُ أَتَمَّهُ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ طَرَفَ بُنْيَانِ بَلَدِ إقَامَتِهِ) أَيْ الْبَلَدِ الَّذِي نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ أَوَاَلَّذِي هُوَ مَقْصِدُهُ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ النُّزُولُ عَنْ دَابَّتِهِ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ أَمَّنَ رَاكِبًا فَنَزَلَ يَنْبَغِي نَعَمْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ النُّزُولُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَقَرِيَّةٍ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ وَطَنَهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُ بِمُرُورِهِ عَلَى وَطَنِهِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا رَجَعَ انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شَرَطَ مُجَاوَزَتَهُ ابْتِدَاءَ نَصِّهَا: فَعَلِمَ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مَبْدَأُ سَفَرِهِ مِنْ وَطَنِهِ وَلَوْ كَانَ مَارًّا بِهِ فِي سَفَرِهِ كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ بَعِيدٍ قَاصِدًا مُرُورَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةٍ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى الرُّكُوبِ) أَيْ فَيَرْكَبُ وَيُكْمِلُهَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَتْ صُورَةُ النُّزُولِ مُقَيَّدَةً بِعَدَمِ الْأَفْعَالِ الْمُبْطِلَةِ فَيَنْبَغِي تَجْوِيزُ الرُّكُوبِ بِهَذَا الْقَيْدِ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ فَلِمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُصَوَّرَةٍ بِذَلِكَ فَهُوَ مُشْكِلٌ، مَعَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرُّكُوبُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلِمَ اُغْتُفِرَتْ الْأَفْعَالُ الْمُبْطِلَةُ فِي النُّزُولِ دُونَ الرُّكُوبِ، لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ، قَالَهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ.

أَقُولُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَتْ الْحَرَكَاتُ الْمُبْطِلَةُ عِنْدَ إرَادَةِ النُّزُولِ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ وَاجِدٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَالرُّكُوبُ لَمَّا كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً ضُويِقَ فِيهِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ إلَّا مَا كَانَ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرَّكْضُ لِلدَّابَّةِ وَالْعَدْوُ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَا (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) هُوَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَالسُّجُودِ، وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ فَلَزِمَ عَلَيْهِ إهْمَالُ تَعْلِيلِ الْإِتْمَامِ الْمَذْكُورِ وَإِيهَامُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لَهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ

(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الِاعْتِدَالِ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَا تَقْبَلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَرْيَةٍ لَهُ أَهْلٌ فِيهَا) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ النُّزُولَ بِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>