للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَجِبُ لِأَنَّ مَا يُعَيِّنُهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا بِدُونِ هَذِهِ النِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْمُعَادَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ، وَتَكْفِي عَلَى الْأَوَّلِ نِيَّةُ النَّذْرِ فِي الْمَنْذُورِ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ، إذْ النَّذْرُ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا،

ثُمَّ مَحَلُّ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّ الْبَالِغِ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا وُقُوعُ صَلَاتِهِ نَفْلًا فَكَيْفَ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ. وَالْعِبَادَاتُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ تَنْقَسِمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَتَخْرُجُ الْمُعَادَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ حَتَّى عِنْدَ الْمَحَلِّيِّ لِحَمْلِ الْفَرْضِ فِيمَا يَأْتِي عَلَى الْفَرْضِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى الْفَرْضِ فِي الْجُمْلَةِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ لِيَتَعَيَّنَ نِيَّةُ الْفَرْضِ لِلصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِعَادَةِ فِي الْمُعَادَةِ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ) أَيْ الْقَاضِي مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: إذْ النَّذْرُ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُصَلِّي الظُّهْرَ مَكْتُوبَةَ الصِّحَّةِ، إذْ الْكَتْبُ لُغَةً الْفَرْضُ كَمَا فِي آيَةِ الصِّيَامِ. وَأَقُولُ: قَدْ يُمْنَعُ هَذَا الْأَخْذُ بِأَنَّ الْكَتْبَ لَمَّا اشْتَرَكَ بَيْنَ الْجَعْلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} [المائدة: ٢١] وَبَيْنَ الْمُقَدَّرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: ٥١] لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً مَقَامَ الْفَرْضِيَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْكَتْبَ لَمَّا صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ مُنْصَرِفًا لِلْفَرْضِ خَاصَّةً حُمِلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّ الِاشْتِرَاكُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: أُصَلِّي الظُّهْرَ الْوَاجِبَ أَوْ الْمُتَعَيَّنَ هَلْ يَكْفِي أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَرَادُفِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى التَّعْيِينِ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهِ بِخُصُوصِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا عَيْنُ الْفَرْضِ،

هَذَا وَقَدْ أَطْلَقُوا وُجُوبَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَنْذُورِ. قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: وَهَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ نَفْلٍ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَقْتٌ أَوْ سَبَبٌ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الضُّحَى أَوْ رَوَاتِبَ الْفَرَائِضِ لَا تَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَفِيهِ وَقْفَةٌ اهـ. أَقُولُ: لَكِنَّ الْمُجَرَّدَ صَحَّحَ عَلَى الْأَوَّلِ نَقْلًا عَنْ خَطِّهِ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قِيَاسَ تَصْوِيبِ الْمَجْمُوعِ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ، وَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمْ يُخَاطَبْ بِفَرْضِ الْوَقْتِ فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ الْمَذْكُورِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمْ خُوطِبُوا بِفَرْضِ الْوَقْتِ الصَّادِقِ بِالْجُمُعَةِ، فَهِيَ فَرْضُ الْوَقْتِ بَدَلًا أَوْ إحْدَى خُصْلَتَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ) هَذَا يَقْتَضِي امْتِنَاعَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَلَاعُبٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِهَا وَعَدَمِهِ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ حَيْثُ نَوَى الْفَرْضِيَّةَ أَنْ لَا يُرِيدَ أَنَّهُ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ بِحَيْثُ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ، وَإِنَّمَا يَنْوِي بِالْفَرْضِ بَيَانَ الْحَقِيقَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ يُطْلَقُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى الصَّبِيُّ ثُمَّ بَلَغَ فِي الْوَقْتِ وَأَرَادَ الْإِعَادَةَ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ نَظَرًا لِلْوَقْتِ الَّذِي أَعَادَهَا فِيهِ أَمْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إعَادَةٌ لِمَا سَبَقَ وَهُوَ كَانَ نَفْلًا فِيهِ نَظَرٌ؟ فَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا فِي حَقِّهِ لَا بِالْأَصْلِ وَلَا بِالْحَالِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِوُقُوعِ صَلَاتِهِ نَفْلًا أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت أُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا نَفْلًا الصِّحَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَاحَظَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا الْحَائِضُ وَالْمَجْنُونُ فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ قَضَائِهِمَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّهِمَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنَّهُمَا مِنْ حَيْثُ السِّنُّ كَانَا مَحَلًّا لِلتَّكْلِيفِ فِي الْجُمْلَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَتَّى فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْته فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُعَادَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحَ الْجَلَالَ، وَهُوَ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى مَذْهَبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>