للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إلَى أَقْسَامٍ: مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالزَّكَاةُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلدَّمِيرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ هُنَا فِي الزَّكَاةِ، وَمِنْهَا مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَالْجُمُعَةُ مِنْهَا، وَمِنْهَا عَكْسُهُ الصَّوْمُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ ثَمَّ خِلَافَهُ، وَمِنْهَا عِبَادَةٌ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يَضُرُّ عَلَى الصَّحِيحِ وَهِيَ التَّيَمُّمُ فَإِذَا نَوَى فَرْضَهُ لَمْ يَكْفِ (دُونَ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّ عِبَادَةَ الْمُسْلِمِ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ.

وَالثَّانِي تَجِبُ لِيَتَحَقَّق مَعْنَى الْإِخْلَاصِ وَيَجْرِيَانِ فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ،

وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا لِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنْ عَيَّنَ الظُّهْرَ مَثَلًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا مُتَعَمِّدًا لَمْ تَنْعَقِدْ لِتَلَاعُبِهِ أَوْ مُخْطِئًا، فَكَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ أَخْذًا مِنْ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، وَالظُّهْرُ مَثَلًا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِعَدَدِهِ جُمْلَةً فَيَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ إذْ قَوْلُهُ الظُّهْرُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَرْبَعًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ) حَيْثُ جَهِلَ الْحَالَ لِغَيْمٍ وَنَحْوِهِ فَظَنَّ خُرُوجَ وَقْتِهَا فَنَوَاهَا قَضَاءً فَتَبَيَّنَ بَقَاؤُهُ (وَعَكْسُهُ) كَأَنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ فَنَوَاهَا أَدَاءً فَتَبَيَّنَ خُرُوجُهُ إذْ يُسْتَعْمَلُ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ، تَقُولُ: قَضَيْت الدَّيْنَ وَأَدَّيْته بِمَعْنًى، قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: ٢٠٠] أَيْ أَدَّيْتُمْ.

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ بَلْ يُشْتَرَطَانِ لِيَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، لَكِنْ يُسَنُّ التَّعَرُّضُ لَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ عَنْ الْقَضَاءِ وَعَكْسَهُ عَامِدًا عَالِمًا لَمْ تَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ تَصْرِيحِهِمْ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَقْتِ كَالْيَوْمِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ، فَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَالزَّكَاةُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا تَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ الصَّوْمُ: أَيْ وَهُوَ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَى فَرْضَهُ لَمْ يَكْفِ) أَيْ مَا لَمْ يُضِفْهُ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ) أَيْ لَا تَكُونَ وَاقِعَةً إلَّا لَهُ، لَكِنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْ إضَافَتِهَا إلَيْهِ فَتُسَنُّ مُلَاحَظَتُهَا لِيَتَحَقَّقَ إضَافَتُهَا لَهُ مِنْ النَّاوِي.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: ظَنَّ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ نَوَى مَعَ الشَّكِّ الْأَدَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ وَبَانَ خِلَافُهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ عَنْ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ عَامِدًا عَالِمًا إلَخْ الصِّحَّةُ، فَقَدْ تَنَازَعَ الْمَفْهُومَانِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ، وَالْأَقْرَبُ فِيهَا الصِّحَّةُ لِتَعْلِيلِهِمْ الْبُطْلَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّلَاعُبِ وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالشَّكِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ فِي الشَّكِّ إذَا قَالَ أَدَاءً وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ، وَبِعَدَمِهَا إذَا قَالَ قَضَاءً لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ عَنْ الْقَضَاءِ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ حَيْثُ جُهِلَ الْحَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ) وَلَوْ لَمْ يَنْوِ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً بَلْ أَطْلَقَ، وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ جِنْسِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ صَحَّ، وَحُمِلَتْ عَلَى الْمُؤَدَّاةِ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الْوَقْتِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَرِيضَةَ الْوَقْتِ أَوْ الْفَرِيضَةَ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَرَدُّدِ مَا نَوَاهُ بَيْنَ الْمُؤَدَّاةِ وَبَيْنَ الْمَقْضِيَّةِ لِأَنَّهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا صَاحِبَةُ الْوَقْتِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَا لَوْ أَطْلَقَ حَيْثُ حُمِلَ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ فَصَحَّ، وَبَيْنَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَهُمَا.

وَقَدْ يُقَالُ: إذَا قَالَ فَرِيضَةُ الْوَقْتِ أَوْ صَاحِبَتُهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ فِي لَفْظِهِ لِمَا يَشْمَلُ الْفَائِتَةَ فَضَعُفَ حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ دُونَ غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْعُدْ حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ تُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا مَا لَمْ يُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ إرَادَتِهِ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ: بَقِيَ مَا لَوْ أَعَادَ الْمَكْتُوبَةَ فِي وَقْتِهَا جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا حَيْثُ تُطْلَبُ إعَادَتُهَا كَذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَنَوَى مَا يَصْلُحُ لِلْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَلْ يَقَعُ فِعْلُهُ إعَادَةً وَالْفَائِتَةُ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا أَوْ يَقَعُ عَنْ الْفَائِتَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُرَجِّحُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْوَقْتَ لِلْإِعَادَةِ وَقَدْ يُرَجِّحُ الثَّانِي وُجُوبُ الْفَائِتَةِ دُونَ الْإِعَادَةِ اهـ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَقْتِ) أَيْ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ، وَيَخْرُجُ بِخُرُوجِهِ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>