للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقْوَى مِنْ الْأَظْهَرِ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَقْوَى مِنْ الْأَصَحِّ (وَحَيْثُ أَقُولُ الْمَذْهَبُ فَمِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ الطُّرُقِ) وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ فِي حِكَايَةِ الْمَذْهَبِ كَأَنْ يَحْكِيَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ لِمَنْ تَقَدَّمَ وَيَقْطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ الرَّاجِحُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ أَوْ الْمُوَافِقُ لَهَا مِنْ طَرِيقِ الْخِلَافِ أَوْ الْمُخَالِفِ لَهَا كَمَا سَيَظْهَرُ فِي الْمَسَائِلِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ الْأَغْلَبُ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّ الْغَالِبَ فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتُ الطَّرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ فِيهَا مَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ انْتَهَى.

قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ: وَقَدْ تُسَمَّى طُرُقُ الْأَصْحَابِ وُجُوهًا وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْمَجْمُوعِ فَقَالَ: وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْ الطَّرِيقَيْنِ بِالْوَجْهَيْنِ وَعَكْسِهِ (وَحَيْثُ أَقُولُ النَّصُّ فَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ إلَى الْإِمَامِ، أَوْ أَنَّهُ مَرْفُوعُ الْقَدْرِ لِتَنْصِيصِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ. وَالشَّافِعِيُّ هُوَ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَسُلْطَانُ الْأَئِمَّةِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ شَافِعِيٌّ لَا شَفْعَوِيٌّ، وُلِدَ بِغَزَّةَ الَّتِي تُوُفِّيَ بِهَا هَاشِمُ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ حُمِلَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ، وَنَشَأَ بِهَا وَحَفِظَ الْقُرْآنَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَالْمَوْطَأَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، تَفَقَّهَ بِمَكَّةَ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزَّنْجِيِّ، وَكَانَ شَدِيدَ الشُّقْرَةِ، وَأَذِنَ لَهُ مَالِكٌ فِي الْإِفْتَاءِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَى الْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ إلَى أَنْ أَتَى مِصْرَ فَأَقَامَ بِهَا إلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ شَهِيدًا يَوْمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْإِشَارَاتِ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَقْوَى مِنْ الْأَصَحِّ) أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصْحِيحِ فَتَصْحِيحُ الْأَصَحِّ وَالْأَظْهَرِ أَقْوَى تَصْحِيحًا مِنْ الصَّحِيحِ وَالْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ قُوَّةَ مُقَابِلِهِمَا تُشْعِرُ بِصَرْفِ الْعِنَايَةِ لِلتَّصْحِيحِ صَرْفًا كُلِّيًّا، بِخِلَافِ الْمَشْهُورِ وَالصَّحِيحِ لِضَعْفِ مُقَابِلِهِمَا الْمُغْنِي عَنْ تَمَامِ صَرْفِ الْعِنَايَةِ لِلتَّصْحِيحِ انْتَهَى بَكْرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ) قَالَ عَمِيرَةُ الظَّاهِرُ أَنَّ مُسَمَّى الطَّرِيقَةِ نَفْسُ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ جَعَلَهَا الشَّارِحُ اسْمًا لِلِاخْتِلَافِ اللَّازِمِ لِحِكَايَةِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ مِثْلَهُ) أَيْ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْ الطَّرِيقِ) أَيْ تَجَوُّزًا (قَوْلُهُ: عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ) أَيْ مَنْصُوصٌ (قَوْلُهُ: وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ شَافِعِيٌّ) أَيْ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْمَنْسُوبَ لِلْمَنْسُوبِ يُؤْتَى بِهِ عَلَى صُورَةِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، لَكِنْ بَعْدَ حَذْفِ الْيَاءِ مِنْ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ وَإِثْبَاتِ بَدَلِهَا فِي الْمَنْسُوبِ (قَوْلُهُ: لَا شَفْعَوِيٌّ) أَيْ كَمَا قِيلَ بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ لَا جَدَّ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ شَدِيدَ الشُّقْرَةِ) أَيْ ابْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ أَيْ فَلُقِّبَ بِضِدِّهَا فَقِيلَ لَهُ الزَّنْجِيُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) أَيْ الْمُوَافِقُ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ إلَخْ هُوَ عَيْنُ هَذَا الْقِيلِ أَخَذَهُ غَايَةً فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا قِيلَ مِنْ كَذَا مَمْنُوعٌ وَإِنْ قَالَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَكَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَظْهَرَ لِإِرَادَتِهِ حِكَايَةَ لَفْظِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ إلَخْ) أَيْ وَأَصْلُ النَّصِّ مَأْخُوذٌ مِنْ مِنَصَّةِ الْعَرُوسِ الْمُشْعِرَةِ بِالرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: هَاشِمٍ) هُوَ غَيْرُ هَاشِمٍ الَّذِي هُوَ أَخُو الْمُطَّلِبِ وَجَدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهَاشِمٌ الْمَذْكُورُ فِي نَسَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ ابْنُ الْمُطَّلِبِ أَخِي هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ لَهُ أَخٌ اسْمُهُ هَاشِمٌ هُوَ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَابْنٌ يُسَمَّى هَاشِمًا أَيْضًا هُوَ جَدُّ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصْفٌ لِعَبْدِ مَنَافٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ شَدِيدَ الشُّقْرَةِ) يَعْنِيَ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ لُقِّبَ بِضِدِّ وَصْفِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>