للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالنَّقْلُ فِي التَّسْمِيَةِ غَرِيبٌ فَتَفَطَّنْ لَهُ (وَالْأُولَى آكَدُ) مِمَّا بَعْدَهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا، وَلَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ بَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِعَاجِزٍ أَتَى بِذِكْرٍ بَدَلَ الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا.

وَالثَّانِي يَتَعَوَّذُ فِي الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ بَعْضُ الِافْتِتَاحِ أَوْ التَّعَوُّذَ أَتَى بِهِ مُحَافَظَةً عَلَى الْمَأْمُورِ بِهِ مَا أَمْكَنَ، وَعَلِمَ عَدَمَ نَدْبِهِمَا لِغَيْرِ الْمُتَمَكِّنِ بِأَنْ اخْتَلَّ فِيهِ شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، بَلْ قَدْ يَحْرُمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَ خَوْفِ ضِيقِ الْوَقْتِ.

(وَتَتَعَيَّنُ الْفَاتِحَةُ) فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ حِفْظًا أَوْ تَلْقِينًا أَوْ نَظَرًا فِي مُصْحَفٍ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) فِي قِيَامِهَا، وَمِنْهُ الْقِيَامُ الثَّانِي مِنْ رَكْعَتَيْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ، أَوْ بَدَلَهُ لِلْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، لِخَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَيَدُلُّ عَلَى دُخُولِ الْمَأْمُومِينَ فِي الْعُمُومِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاتِهِ يُعَدُّ مَعَ الْفَاتِحَةِ كَأَنَّهُ قِرَاءَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْقِرَاءَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يُطْلَبُ التَّعَوُّذُ وَلَا التَّسْمِيَةُ فِي أَثْنَائِهَا.

نَعَمْ لَوْ عَرَضَ لَلْمُصَلَّيْ مَا مَنَعَهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ زَالَ وَأَرَادَ الْقِرَاءَةَ بَعْدُ سُنَّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالْبَسْمَلَةِ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ ابْتِدَاءً قِرَاءَةٌ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى آكَدُ) لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ التَّعَوُّذُ وَدُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا أَحَدُهُمَا دُونَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُرَاعَى الِافْتِتَاحُ لِسَبَقِهِ أَوْ التَّعَوُّذِ لِأَنَّهُ لِلْقِرَاءَةِ الْأَفْضَلُ وَالْوَاجِبَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّحَفُّظُ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَأَيْضًا فَهُوَ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ قِرَاءَةٍ، وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ: لَوْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِبَعْضِ التَّعَوُّذِ أَتَى بِهِ.

أَقُولُ: وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّيْطَانِ أَوْ بِالرَّجِيمِ فَقَطْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْإِتْيَانُ بِأَعُوذُ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) أَيْ لِقُرْبِ الْفَصْلِ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطَالَهُ أَعَادَ التَّعَوُّذَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَقِيَاسُهُ إعَادَةُ الْبَسْمَلَةِ اهـ.

قَالَ حَجّ: وَكَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاءَةِ اهـ: أَيْ كَتَسْبِيحِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ: أَيْ التَّعَوُّذُ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا هَذَا) أَيْ أَنَّهُ يَتَعَوَّذُ كُلَّ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: الِافْتِتَاحُ أَوْ التَّعَوُّذُ) أَيْ بِأَنْ خَافَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِمَا رُكُوعَ الْإِمَامِ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَ خَوْفِ ضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَنِ إذَا أَحْرَمَ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا وَإِنْ لَزِمَ صَيْرُورَتُهَا قَضَاءً، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ بِأَنْ خَافَ خُرُوجَ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِيهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا كَامِلَةً بِدُونِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ، وَيَخْرُجُ بَعْضُهَا بِتَقْدِيرِ الْإِتْيَانِ بِهِ تَرَكَهُ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ حَجّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ: يُسْتَثْنَى مِنْ السُّنَنِ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَأْتِي بِهِ إلَّا حَيْثُ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا اهـ.

وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ السُّنَنِ بِأَنَّهُ عَهِدَ طَلَبَ تَرْكِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فِي الْجِنَازَةِ، وَفِيمَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوْ اعْتِدَالٍ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ، أَوْ بِأَنَّ السُّنَنَ شُرِعَتْ مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَتْ مُقَدِّمَةً لِشَيْءٍ، بِخِلَافِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَإِنَّهُ شُرِعَ مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَتَتَعَيَّنُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) .

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ انْبَهَمَتْ عَلَيْهِ الْفَاتِحَةُ فِي الْقُرْآنِ بِأَنْ كَانَ يَحْفَظُ السُّوَرَ وَلَا يَعْرِفُ أَسْمَاءَهَا، وَأُعْلِمَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِدُونِ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُوقِفُهُ عَلَيْهَا فَهَلْ يَجْتَهِدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يَجْتَهِدَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ دَلِيلٌ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ لِيَتَحَقَّقَ بِقِرَاءَتِهِ أَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ بِمَنْذُورٍ وَانْبَهَمَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ عِتْقٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ زَكَاةٌ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَأَنْ شَرَعَ فِي قِرَاءَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي قِرَاءَةٍ أُخْرَى، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بَعْضَ الِافْتِتَاحِ) أَيْ إنْ أَتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>