للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبُطْءِ حَرَكَةٍ وَشَكٍّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فَلَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ حَتَّى سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَزَالَ عُذْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ أَوْ هَاوٍ لِلرُّكُوعِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ فِي سَائِرِ الرَّكَعَاتِ، وَمَا قَرَرْنَاهُ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ مَا يُخَالِفُهُ، وَلَوْ نَوَى مُفَارَقَةَ إمَامِهِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ وَقَصَدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ صَحَّتْ فِي أَوْجُهٍ احْتِمَالَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَيْهِ آخِرًا.

(وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ) كَامِلَةٌ (مِنْهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ عَمَلًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَرَأْتُمْ بِالْفَاتِحَةِ فَاقْرَءُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي، وَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إحْدَى آيَاتِهَا» وَيُجْهَرُ بِهَا حَيْثُ يُجْهَرُ بِالْفَاتِحَةِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ صَحَابِيًّا بِطُرُقٍ ثَابِتَةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَوْلُ أَنَسٍ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ وَيَقْرَأَهَا، فَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ مِنْ الْإِمَامِ فَذَاكَ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ كُلِّ مُتَخَلِّفٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّ نِسْيَانَ الْقِرَاءَةِ كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ غَيْرِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَتِهَا وَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي فَصْلٍ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ إلَخْ، أَوْ سَهَا عَنْهَا: أَيْ الْقِرَاءَةُ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ لَا لِقِرَاءَةٍ وَعَلَيْهَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ وَعَلَى تَسْلِيمِهَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ نِسْيَانَ الصَّلَاةِ يَكْثُرُ بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبُطْءِ حَرَكَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَزَحْمَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ) أَيْ وَهُوَ مَا اشْتَغَلَ بِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَوْ فِعْلِ الْأَرْكَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ (قَوْلُهُ أَوْ هَاوٍ) أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَزُلْ عُذْره، قَضِيَّتُهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا زَحَمَ عَنْ السُّجُودِ فَانْتَظَرَ زَوَالَ الزَّحْمَةِ أَوْ شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ فَشَرَعَ فِيهَا فَلَمْ تَزُلْ الزَّحْمَةُ وَلَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ حَتَّى سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ صَارَ مَسْبُوقًا، وَالْمُطَابِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا زَالَتْ الزَّحْمَةُ أَوْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَهُ الْإِمَامُ بِمَا ذُكِرَ فَسَعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ حَتَّى فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ السُّجُودِ فَقَامَ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَيَرْكَعُ مَعَهُ، وَمِنْ ثَمَّ صَوَّرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَوْنَهُ يَصِيرُ مَسْبُوقًا بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُتَصَوَّرُ سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ) أَيْ بِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَنْ أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِ الْأُولَى فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ زَحْمَةٌ عَنْ السُّجُودِ فِيهَا فَتَمَكَّنَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ فَأَتَى بِهِ، ثُمَّ قَامَ مِنْ السُّجُودِ وَجَدَهُ رَاكِعًا فِي الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا تَأَمَّلْ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الرَّكَعَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي) أَيْ لِأَنَّهَا تُثْنَى فِي الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَلَمْ يَزَلْ عُذْرُهُ) يَعْنِي: لَمْ يَفْرُغْ مِنْ قِرَاءَتِهِ فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّكِّ وَالنِّسْيَانِ وَلَمْ تَزَلْ الزَّحْمَةُ مِنْ مَسْأَلَتِهَا وَلَمْ تَتِمَّ الْأَرْكَانُ فِي مَسْأَلَةِ الْبُطْءِ (قَوْلُهُ: حَتَّى سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ إلَخْ) يَعْنِي: أَنَّهُ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ انْفِصَالِ الْإِمَامِ عَنْ السُّجُودِ الثَّانِي وَاشْتَغَلَ بِالرُّكُوعِ وَبِمَا بَعْدَهُ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فِي مَسَائِلِ الشَّكِّ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ) سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ فِي سَائِرِ الرَّكَعَاتِ هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَتَيْ الزَّحْمَةِ وَبُطْءِ الْحَرَكَةِ لَا فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّكِّ وَالنِّسْيَانِ، إذْ يُتَصَوَّرُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فِي غَيْرِهَا فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ أَيْضًا، بِخِلَافِ الْأُخْرَيَيْنِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ عِنْدَ التَّذَكُّرِ كَمَا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>