للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ الدَّالِ عَلَى ذَلِكَ، وَيُعْتَبَرُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الذِّكْرِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَالْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.

نَعَمْ حَدِيثُ «سُبْحَانَ اللَّهِ» إلَى آخِرِهِ أَقْرَبُ فِي الدَّلَالَةِ لِكَلَامِ الْبَغَوِيّ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الدُّعَاءِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدُّنْيَا أَتَى بِهِ وَأَجْزَأَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِالْإِدْغَامِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُدْغَمَ مُشَدَّدًا وَهُوَ حَرْفَانِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْبَدَلِ، وَمِنْهَا الْبَسْمَلَةُ وَالتَّشْدِيدَاتُ الْأَرْبَعَةَ عَشْرَ، وَجُمْلَةُ الْحُرُوفِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِقِرَاءَةِ مَالِكٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْآيَاتُ، وَيُحْسَبُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْبَدَلِ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ سَبْعُ آيَاتٍ أَوْ سَبْعَةُ أَذْكَارٍ مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ، لَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمٍ قَصِيرٍ قَضَاءً عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ طَوِيلٍ، وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَخْتَلِفُ زَمَانُهُ طُولًا وَقِصَرًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي قَضَائِهِ مُسَاوَاةً، بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ لَا تَخْتَلِفُ فَاعْتُبِرَ فِي بَدَلِهَا الْمُسَاوَاةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ قَصْدُ الْبَدَلِيَّةِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ غَيْرَهَا فَقَطْ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا) مِمَّا تَقَدَّمَ (وَقَفَ) وُجُوبًا (قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) فِي ظَنِّهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِسُقُوطِ غَيْرِهِ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَنًا يَسَعُ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي مَحَلِّ طَلَبِهَا، وَلِلْفَاتِحَةِ سُنَّتَانِ سَابِقَتَانِ وَهُمَا الِافْتِتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ. وَسُنَّتَانِ لَاحِقَتَانِ وَهُمَا التَّأْمِينُ وَالسُّورَةُ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ السَّابِقَتَيْنِ شَرَعَ فِي اللَّاحِقَتَيْنِ فَقَالَ (وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ أَوْ بَدَلَهَا إنْ تَضَمَّنَ دُعَاءً فِيمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْ الْأَذْكَارِ إلَخْ وَهُوَ: أَيْ الذِّكْرُ لُغَةً: كُلُّ مَذْكُورٍ، وَشَرْعًا: قَوْلٌ سِيقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ انْتَهَى.

وَعَلَيْهِ فَالذِّكْرُ شَامِلٌ لِلدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ بِأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ» إلَخْ، وَقَدْ جَزَمَ حَجّ بِالِاسْتِدْلَالِ بِهِ هُنَا عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْصُ حُرُوفِ الْبَدَلِ) هَلْ يَكْتَفِي بِظَنِّهِ فِي كَوْنِ مَا أَتَى بِهِ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ كَمَا اكْتَفَى بِهِ فِي كَوْنِ وُقُوفِهِ بِقَدْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ لِمَشَقَّةِ عَدِّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْحُرُوفِ بَلْ قَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: بِقِرَاءَةِ مَالِكٍ) أَيْ بِالْأَلِفِ (قَوْلُهُ: وَالْبَدَلُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ التَّشْدِيدَاتُ فِي الْبَدَلِ عَلَى تَشْدِيدَاتِ الْفَاتِحَةِ وَإِلَّا حُسِبَ حَرْفًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَوَّذَ بِقَصْدِ السُّنِّيَّةِ وَالْبَدَلِ لَمْ يَكْفِ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَرَأَ آيَةً تَشْتَمِلُ عَلَى دُعَاءٍ فَقَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ وَالْقُرْآنَ، فَلَا تَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ إنْ كَانَتْ بَدَلًا، وَلَا فِي أَدَاءِ السُّورَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى بِذَلِكَ الْقُرْآنَ وَالدُّعَاءَ أَخْرَجَهُمَا بِالْقَصْدِ عَنْ كَوْنِهَا قُرْآنًا حُكْمًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا فِيمَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى الْقُرْآنِ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ لِقَارِئِهَا مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ تَضَمَّنَ دُعَاءً)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ) مُرَادُهُ بِهِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ، ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ ثُمَّ كَبِّرْ، فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ، وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَهَلِّلْهُ وَكَبِّرْهُ» فَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَقَدْ سَاقَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فِي السُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ حَدِيثُ سُبْحَانَ إلَخْ، وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْته قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ السُّنِّيَّةِ، وَالْبَدَلِ لَمْ يَكْفِ) بَحَثَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا شَرَّكَ فِي آيَةٍ تَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ بَيْنَ الْقُرْآنِيَّةِ وَالدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ، إذْ هُوَ هُنَا شَرَّكَ بَيْنَ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا لِلصَّلَاةِ هُمَا السُّنِّيَّةُ، وَالْفَرْضِيَّةُ فَإِذَا قَصَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>