للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ زَادَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ غَيْره مِنْ الذِّكْرِ فَحَسَنٌ.

(وَيُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَصَلَ التَّأْمِينَ بِالْفَاتِحَةِ بِلَا فَصْلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَا تُسَنُّ مُقَارَنَتُهُ فِيهِ غَيْرَهُ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَخَبَرُ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَالْمُرَادُ الصَّغَائِرُ فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ إنَّهُ يَشْمَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ آمِينَ» فَظَاهِرُهُمَا الْأَمْرُ بِالْمُقَارَنَةِ بِأَنْ يَقَعَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمَلَائِكَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ بَلْ لِقِرَاءَتِهِ وَقَدْ فَرَغَتْ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إذَا أَمَّنَ: إذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ، وَيُوَضِّحُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَعْنَى مُوَافَقَتِهِ لِلْمَلَائِكَةِ أَنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي الزَّمَنِ، وَقِيلَ فِي الصِّفَاتِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِ. قَالَ: وَهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ قِيلَ هُمْ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ غَيْرُهُمْ لِخَبَرِ «فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ» وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهَا الْحَفَظَةُ قَالَهَا مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى السَّمَاءِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ، فَإِنْ فَاتَهُ قَرْنُ تَأْمِينِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ بَطَلَتْ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يَرِدْ قَاصِدِينَ إلَيْك انْتَهَى.

وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ) أَيْ بَعْدَ آمِينَ.

(قَوْلُهُ: مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ غَيْرِهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مَأْمُومٍ فَلَا يُسَنُّ لَهُ التَّأْمِينُ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي حَجّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ (قَوْلُهُ: تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ) أَيْ وَهُمْ يُؤَمِّنُونَ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ.

قَالَ الْعَلْقَمِيُّ عَلَى الْجَامِعِ: الْمُرَادُ بِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارُهُمْ انْتَهَى.

أَقُولُ: فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْخَذُهُ قَوْلَهُمْ: إنَّ الصَّلَاةَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَتَى ذُكِرَ عَنْ الْمَلَائِكَةِ شَيْءٌ مِنْ أَنْوَاعِ الدُّعَاءِ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، فَفِيهِ أَنَّهُمْ إنَّمَا جَعَلُوا ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِصَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ: أَيْ دُعَائِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَسْنَدَ إلَيْهِمْ الدُّعَاءَ بِغَيْرِ لَفْظٍ مَخْصُوصٍ، أَمَّا إذَا أَسْنَدَ إلَيْهِمْ كَذَلِكَ كَمَا هُنَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْنَى تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ قَوْلُهُمْ آمِينَ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارُهُمْ لَا قَوْلُهُمْ آمِينَ فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُلَهُ (قَوْلُهُ وَيُوضِحُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ أَوْضَحَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلْإِمْدَادِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ: لَوْ قَالَ آمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَغَيْرِهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ حَسَنًا

(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنَّهُ «مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ» إلَخْ يَدُلُّ دَلَالَةَ إيمَاءٍ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ طَلَبِ مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِي التَّأْمِينِ هِيَ مُوَافَقَةُ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ، فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ يُوَافِقُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُمَا الْأَمْرُ) أَيْ بِاللَّازِمِ وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلْخَبَرَيْنِ الْمَارَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَفْظُ مُسْلِمٍ عِبَارَةٌ عَنْ ثَانِيهِمَا، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَ ظَاهِرِهِمَا ذَلِكَ وَتَدَّعِيَ أَنَّ ظَاهِرَهُمَا طَلَبُ التَّأَخُّرِ، وَلِهَذَا قَالَ هُوَ فِيمَا يَأْتِي وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا أَمَّنَ إذَا أَرَادَ إلَخْ، فَلَوْ كَانَ ظَاهِرُهُمَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا لَمْ يَحْتَجْ لِبَيَانِ الْمُرَادِ، إذْ هُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّأْمِينَ) دَلِيلٌ ثَانٍ لِطَلَبِ الْمُقَارَنَةِ فِي التَّأْمِينِ، فَهُوَ مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهَا، وَالْحَفَظَةُ قَالَهَا مِنْ فَوْقِهِمْ إلَخْ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَيَنْتَفِي بِهِ كَوْنُ الْمُوَافِقِ خُصُوصَ الْحَفَظَةِ.

فَإِنْ قُلْت: وَجْهُ تَخْصِيصِهِمْ بِالْمُوَافَقَةِ أَنَّ تَأْمِينَ غَيْرِهِمْ إنَّمَا يَقَعُ تَبَعًا لَهُمْ فَيَلْزَمُ تَأَخُّرُهُ.

قُلْت:

<<  <  ج: ص:  >  >>