بِتَأْمِينِهِ أَتَى بِهِ عَقِبَهُ.
وَإِنْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي السُّورَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الزَّمَنِ الْمَسْنُونِ أَمَّنَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْهُ اعْتِبَارًا بِالْمَشْرُوعِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي جَهْرِ الْإِمَامِ أَوْ إسْرَارِهِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِمَا بِفِعْلِهِ لَا بِالْمَشْرُوعِ لِأَنَّ السَّبَبَ لِلتَّأْمِينِ وَهُوَ انْقِضَاءُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وُجِدَ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَالسَّبَبُ فِي قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ لِلسُّورَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فِعْلِ الْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِعْلُهُ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ وَفَرَغَا مَعًا كَفَى تَأْمِينٌ وَاحِدٌ أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ: يَنْتَظِرُهُ، وَالْمُخْتَارُ أَوْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِلْمُتَابَعَةِ.
(وَيَجْهَرُ بِهِ) الْمَأْمُومُ فِي الْجَهْرِيَّةِ (فِي الْأَظْهَرِ) تَبَعًا لِإِمَامِهِ وَالثَّانِي يُسِرُّ كَسَائِرِ أَذْكَارِهِ، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ الْجَمْعُ جَهَرَ وَإِلَّا فَلَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُومًا أَوْ غَيْرَهُ يَجْهَرُ بِهِ إنْ طَلَب مِنْهُ الْجَهْرَ وَيُسِرُّ بِهِ إنْ طَلَبَ مِنْهُ الْإِسْرَارَ، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِمَا مَرَّ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَدْرَكْت مِائَتَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِآمِينَ.
وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَمَّنَ مَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلُجَّةً، وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَأْمُومِ وَجَهْرُ الْأُنْثَى وَالْخُنَثِي بِهِ كَجَهْرِهِمَا بِالْقِرَاءَةِ وَسَيَأْتِي، وَالْأَمَاكِنُ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْمَأْمُومُ خَلْفَ إمَامِهِ خَمْسَةٌ: تَأْمِينُهُ مَعَ إمَامِهِ، وَفِي دُعَائِهِ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ، وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِي قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَإِذَا فَتَحَ عَلَيْهِ.
(وَيُسَنُّ) لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ (سُورَةٌ) يَقْرَؤُهَا فِي صَلَاتِهِ (بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) مَكْتُوبَةً وَلَوْ مَنْذُورَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، أَوْ نَافِلَةً: أَيْ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ آيَةٍ فَأَكْثَرَ، وَالْأَكْمَلُ ثَلَاثٌ، وَالْأَوْجَهُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِمَا دُونَ آيَةٍ إنْ أَفَادَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ لَا بِقَصْدِ أَنَّهَا الَّتِي أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ لِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا لَمْ تُحْسَبْ كَمَا لَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ إلَّا إذَا لَمْ يَحْفَظْ غَيْرَهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَدَلِيلُنَا مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُمُّ الْقُرْآنِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إذَا بَيَّنَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَّرَهُ) أَيْ الْإِمَامُ عَنْ الزَّمَنِ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَنُ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ لَا يُؤَمِّنُ حِينَئِذٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَسْرَعَ بِالتَّأْمِينِ قَبْلَ إمَامِهِ فَهَلْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ أَوْ لَا فَيَحْتَاجُ فِي أَدَائِهَا إلَى إعَادَتِهِ مَعَ الْإِمَامِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِحُصُولِ مَا يَقْتَضِي التَّأْمِينَ وَهُوَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ كَفَى تَأْمِينٌ وَاحِدٌ) أَشْعَرَ بِأَنَّ تَكْرِيرَ التَّأْمِينِ أَوْلَى وَيُقَدَّمُ تَأْمِينُ قِرَاءَتِهِ.
(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِإِمَامِهِ) أَيْ جَهْرًا مُتَوَسِّطًا وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ عَنْ عَطَاءٍ) عِبَارَةُ حَجّ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ أَدْرَكَ مِائَتَيْ صَحَابِيٍّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذَا قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ وَرَاءَهُ) فَاعِلُ أَمَّنَ (قَوْلُهُ: لِلَّجَّةِ) هِيَ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ اخْتِلَاطُ الْأَصْوَاتِ حَجّ.
(قَوْلُهُ سُورَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يَجُوزُ الْهَمْزُ وَتَرْكُهُ وَهُوَ أَشْهَرُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَكْتُوبَةً) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: آيَةً فَأَكْثَرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ الْآيَةِ لَا يُجْزِي فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ أَنَّهَا الَّتِي أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِقَصْدِ ذَلِكَ لَمْ تَحْصُلْ بِهِ السُّنَّةُ بَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ تَكْرِيرَ بَعْضِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمْ يَحْفَظْ غَيْرَهَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ فَيُكَرِّرُهَا بِتَمَامِهَا إنْ أَرَادَ تَحْصِيلَ سُنَّةِ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَإِنْ قَلَّ إنْ أَرَادَ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ هَذَا.
وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى عَدَمُ تَكْرِيرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى قَوْلٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ جَرَيَانِ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَدَلِيلُنَا) أَيْ لِسَنِّ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَمْ تَجِبْ: أَيْ السُّورَةُ.
لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا عِوَضًا مِنْهَا» انْتَهَى وَهِيَ بِالْمِيمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالشَّارِحُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
يُنَافِيهِ نَصُّ الْخَبَرِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَوْلُ الثَّانِي الْمَنْصُوصُ فِيهِ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ.
فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ تَأْمِينُ أَهْلِ السَّمَاءِ مُقَارِنًا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِتَأْمِينِ الْحَفَظَةِ خَرْقًا لِلْعَادَةِ.
قُلْت: فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ الْحَفَظَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَ فِعْلُهُ) ظَاهِرُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأْمِينُ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ إذَا جَهَرَ فِي السِّرِّيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِمَامُ فَلِمَا مَرَّ) أَيْ فِي خَبَرِ «كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ آمِينَ يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ» (قَوْلُهُ: لِلَّجَّةِ) بِالْفَتْحِ فَالتَّشْدِيدِ وَهِيَ اخْتِلَاطُ