للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ جَمْعٌ وَالْمُفْرَدُ طَوِيلٌ (وَلِلْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ أَوْسَاطُهُ وَلِلْمَغْرِبِ قِصَارُهُ) وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الظُّهْرِ بِقَرِيبٍ مِنْ الطِّوَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ، وَالْحِكْمَةُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ طَوِيلٌ وَصَلَاتَهُ رَكْعَتَانِ فَنَاسَبَ تَطْوِيلُهُمَا، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ فَنَاسَبَ فِيهِ الْقِصَارُ، وَأَوْقَاتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ طَوِيلَةٌ، وَلَكِنَّ الصَّلَوَاتِ طَوِيلَةٌ أَيْضًا، فَلَمَّا تَعَارَضَ ذَلِكَ رُتِّبَ عَلَيْهِ التَّوَسُّطُ فِي غَيْرِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ مِنْ الطِّوَالِ، وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ وَإِحْيَائِهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ لِلْمُسَافِرِ فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَالثَّانِيَةُ الْإِخْلَاصُ وَأَوَّلُ الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، وَطِوَالُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ كَقَافٍ وَالْمُرْسَلَاتِ وَأَوْسَاطُهُ كَالْجُمُعَةِ وَقِصَارُهُ كَالْعَصْرِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُفَصَّلُ: الْمُبَيَّنُ قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: ٣] أَيْ جُعِلَتْ تَفَاصِيلَ فِي مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ،

وَسُنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَوْقِيفِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَوَاضِحٌ.

أَوْ اجْتِهَادِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَقَدْ وَقَعَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ، وَقِرَاءَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَمَّا تَرْتِيبُ كُلِّ سُورَةٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ فَتَوْقِيفِيٌّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خِلَافٍ، وَخَصَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ التَّالِيَةُ لَهَا أَطْوَلَ كَالْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ لِئَلَّا تَطُولَ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى، وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ.

وَقَدْ يُقَالُ لَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِهِمْ لِأَنَّ طُولَ الثَّانِيَةِ لَا يُنَافِي تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا حِينَئِذٍ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ تَرْتِيبِهِ وَطُولِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ (وَلِصُبْحِ الْجُمُعَةِ) فِي الْأُولَى (الم تَنْزِيلُ وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى) بِكَمَالِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُسَنُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْعَامَّةِ قَدْ تَعْتَقِدُ وُجُوبَهُمَا خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ إلَى ذَلِكَ وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِهَا قَرَأَ مَا أَمْكَنَ مِنْهَا وَلَوْ آيَةَ السَّجْدَةِ، وَكَذَا فِي الْأُخْرَى يَقْرَأُ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ هَلْ أَتَى، فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لَلسُّنَّةِ قَالَهُ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُتَنَفِّلُ عَلَى تَشَهُّدٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ: أَيْ بِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ (قَوْلُهُ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ) فَإِنْ قُلْت: طَلَبُ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ فِي الصُّبْحِ يُنَافِي مَا قِيلَ فِي حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّتِهَا رَكْعَتَيْنِ مِنْ كَوْنِهَا عَقِبَ نَوْمٍ وَفُتُورٍ، قُلْت: كَوْنُهَا عَقِبَ نَوْمٍ وَفُتُورٍ نَاسَبَهُ التَّخْفِيفُ فِيهَا فَجُعِلَتْ رَكْعَتَيْنِ، وَجُبِرَ ذَلِكَ بِسَنِّ التَّطْوِيلِ فِيهَا، وَوُكِّلَ إلَى خِيرَةِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُحَتِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ نَشَاطٌ أَتَى بِهِ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الطَّاءِ) وَكَذَا بِالضَّمِّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لِاشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ السَّفَرِ طُلِبَ مِنْهُ التَّخْفِيفُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ سَائِرًا أَوْ نَازِلًا لَيْسَ مُتَهَيِّئًا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ لِلسَّيْرِ وَلَا مُتَوَقِّعًا لَهُ، وَلَوْ قِيلَ إذَا كَانَ نَازِلًا كَمَا ذُكِرَ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ خُصُوصُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ لِاطْمِئْنَانِهِ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَبْعُدْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُسَنُّ لَهُ فِي صُبْحِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا الْكَافِرُونَ ثُمَّ الْإِخْلَاصُ لِحَدِيثٍ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَوَرَدَ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي صُبْحِ السَّفَرِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ» وَعَلَيْهِ فَيَصِيرُ الْمُسَافِرُ مُخَيَّرًا بَيْنَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِ الْحَدِيثِ الثَّانِي أَقْوَى سَنَدًا وَإِيثَارُهُمْ التَّخْفِيفَ لِلْمُسَافِرِ فِي سَائِرِ قِرَاءَتِهِ أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ) أَيْ وَأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ، فَلَوْ تَرَكَهُ كَأَنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى الْهُمَزَةَ وَالثَّانِيَةِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهُ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يُفْعَلُ الْآنَ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مِنْ قِرَاءَةِ أَلْهَاكُمْ ثُمَّ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ إلَخْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَيْضًا لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ وَتَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ (قَوْلُهُ: تَوْقِيفِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِهَا) الْأَوْلَى جَمِيعُهُمَا لَكِنَّهُ رَجَّعَهُ هُنَا لِلسَّجْدَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَوْ آيَةً إلَخْ، ثُمَّ ذَكَرَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلْمَجْمُوعِ، وَإِلَّا، فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِي الْقَصَّارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْرِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْمُنَازَعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>